للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء ذلك صريحًا عندَ النَّسَائيِّ؛ مِن حديثِ بُرَيْدِ بنِ أبي مريمَ، عن أبيه (١).

وعندَ أحمدَ مِن حديثِ ابنِ مسعودٍ (٢).

والأظهرُ: أنَّ الحالَ تختلِفُ؛ فمَنْ كان في حَضَرٍ ونام عن الصلاةِ، فإنَّ أذانَهُ للصلاةِ يدعو الناس إليها، وحالُهُمْ ليستْ كحالِه، والأفضلُ في حقِّه: تركُ الأذانِ في الحَضَرِ، وإنْ رأى أن يُؤذِّنَ فلْيُؤَذِّنْ لنفسِه؛ حتى لا يُلبِّسَ على الناسِ؛ كما صرَّح بهذا جماعةٌ مِن أصحابِ أحمدَ والشافعيِّ؛ وإنَّما أمَرَ النبيُّ بالأذانِ وهو في سفرٍ.

حُكْمُ قضاءِ النوافلِ:

وأمَّا قضاءُ النوافلِ، ففيه خلافٌ عندَ الفقهاءِ على أقوالٍ، وأشهرُها قولانِ، وهما روايتانِ عن أحمدَ:

الأولُ: قالوا بالقضاءِ؛ وهو الصحيح عندَ الشافعيَّةِ.

الثاني: أنَّها لا تُقضى؛ وبه قال أبو حنيفةَ ومالكٌ وجماعةٌ.

ومنهم: مَن فرَّق بينَ تركِ النافلةِ نِسْيانًا وشُغْلًا وبينَ تَرْكِها عمدًا؛ فعندَ النِّسْيانِ والشُّغْلِ: يَرى قضاءَها، وعندَ العَمْدِ: لا يرى ذلك؛ لأنَّه ترَكها عمدًا وأداؤها في وقتِ غيرِ وقتِها يَقتضي تبديلًا بالهوى لمواقيتِ النوافلِ، وهي توقيفيَّةٌ، ولو أُطلِقَ الجوازُ ولم يُعلَّقْ بعُذْرٍ، كان بابًا لتفويتِ عبادةٍ عن وقتِها.

والتفريقُ وجيهٌ؛ وذلك لِما في "الصحيحَيْنِ"؛ مِن حديثِ أمِّ سلمةَ؛ أنَّ النبيَّ ترَكَ الركعتَيْنِ بعدَ الظُّهْرِ فصلَّاهما بعدَ العصرِ، ثمَّ قال: (إِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ بِالْإِسْلَامِ مِنْ قَوْمِهِمْ، فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ


(١) أخرجه النسائي (٦٢١).
(٢) أخرجه أحمد (١/ ٤٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>