للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمييزُهُ في الكتابةِ وتحريرِ العِلمِ- إلَّا أنَّهم يستطيعونَ تمييزَهُ في العملِ والعبادةِ؛ فللصَّلاةِ أثرٌ على صاحِبِها بمقدارِ خشوعِهِ فيها، واللَّهُ أعلَمُ.

* * *

* قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾ [المؤمنون: ٥ - ٧].

في هذه الآيةِ: وجوبُ حِفْظِ الفَرْجِ مِن جميعِ الفواحشِ، وصيانتِهِ مِن الحرامِ؛ وهذا مِن أخَصِّ أوصافِ المؤمِنينَ، واستثنَى اللَّهُ مِن حِفْظِ الفَرْجِ: الزوجاتِ وما ملَكَتِ الأَيْمانُ، فرفَعَ اللَّه اللومَ في ذلك ولو استكثَروا؛ فإنَّ اللَّهَ لم يُحرِّمْ حرامًا إلَّا وفي الحلالِ غُنْيَةٌ عنه.

حُكْمُ الاستمناءِ:

وبهذه الآيةِ استدَلَّ مالكٌ على منعِ الاستمناءِ، وتُسمِّيهِ العربُ: جَلْدَ عُمَيْرَةَ، وهي التي تُسمَّى في اصطلاحِ أهلِ الاجتماعِ اليومَ بالعادةِ السِّرِّيَّةِ، وسُمِّيَتْ بذلك لقُبْحِها؛ لأنَّ مَن فعَلَها يعتادُها ويستتِرُ بها عن الخَلْقِ حتى عن زوجِهِ وما مَلَكَتْ يمينُهُ؛ لأنَّه مِن الفِعْلِ المكروهِ الذي يَحِيكُ في النَّفْسِ، وقد قال حَرْمَلةُ بنُ عبدِ العزيزِ: سألتُ مالكًا عن الرجُلِ يَجْلِدُ عُمَيْرَةَ؟ فتلا هذه الآية: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾ (١).

ولا يختلِفُ العلماءُ على أنَّ مَن خَشِيَ على نفسِهِ الزِّنى؛ لقُرْبِهِ منه،


(١) "تفسير القرطبي" (١٥/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>