للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كان السائلُ لا يُعطَى حتى يُتحرَّى عنه، لَمَا اكتفَى اللهُ بوصفِهِ: {وَالسَّائِلِينَ}، فذكَرَ اللهُ اليتامَى والمساكِينَ، وهذه أوصافٌ يجبُ على الإنسانِ أنْ يتحقَّقَ منها عندَ دَفْعِها، فليس الفقرُ بالظَّنِّ، وأمَّا السائلُ، فاكتفَى الشارعُ بذِكْرِ سؤالِهْ، عن تتبُّعِ حالِهْ، ولو كان سؤالُهُ وحدَهُ لا تبرَأُ الذِّمَّةُ بإعطائِه، لاكتفَى بذِكْرِ اليتامَى والمساكينِ وابنِ السبيلِ وفي الرقابِ؛ لأنَّ السائلَ غالبًا منهم، فجعَلَ اللهُ ابتداءَ الإنفاقِ لا بدَّ فيه مِن السؤالِ عن تحقُّقِ الحالِ المذكورةِ في القرآنِ، وأمَّا السؤالُ، فيكفِي وجودُهُ دَلَالةً على الإنفاقِ؛ لأنَّ السائلَ باحَ بوصفِ نفسِهِ، وغيرُهُ يحتاجُ إلى سؤالٍ عنه.

وفي "المسندِ"، و"سننِ أبي داودَ"، وغيرِهما؛ مِن حديثِ يَعْلَى بنِ أبي يَحْيَى، عن فَاطمةَ بِنتِ حُسَيْنٍ، عن حُسَيْنِ بنِ عليٍّ، قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (لِلسَّائِلِ حَقٌّ وَإنْ جَاءَ عَلَى فَرَسٍ) (١)، ويَعْلَى لا يُعرَفُ (٢)، والحديثُ ضعيفٌ.

وأخرَجَ أحمدُ، عن منصورِ بنِ حَيَّانَ الأَسَدِيِّ، عن ابنِ نَجَادٍ، عن جَدَّتِهِ؛ قالت: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (رُدُّوا السَّائِلَ وَلَوْ بِظِلْفٍ مُحْتَرِقٍ؛ أَوْ: مُحْرَقٍ) (٣).

إعطاءُ الزكاة مَنْ لا يستحقُّ بغيرِ علم:

ولو عَلِمَ المُنفِقُ أنَّ الزكاةَ وقَعَتْ في يدِ غيرِ مستحِقٍّ لها، وأصبَحَ كاذبًا، أجزَأَ عنه؛ لأنَّه أدَّاها على وَجْهِها الشرعيِّ الذي أمَرَهُ اللهُ بها، والواجبُ عليه أنْ تخرُجَ مِن يدِهِ بوجهٍ مشروعٍ، وقد خرَجَتْ كذلك، وما تجاوَزَ يدَهُ: أَمْرُهُ إلى اللهِ، والقولُ بعدمِ الإجزاءِ يتنافَى مع ظاهرِ الآيةِ


(١) أخرجه أحمد (١٧٣٠) (١/ ٢٠١)، وأبو داود (١٦٦٥) (٢/ ١٢٦)، وابن أبي شيبة (٩٨٢٣) (٢/ ٣٥٣).
(٢) ينظر: "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (٩/ ٣٠٣).
(٣) أخرجه أحمد (١٦٦٤٨) (٤/ ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>