للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكمُ قتلِ الراهبِ والشيخ الكبيرِ:

ويَدخُلُ في الآيةِ الراهبُ والعُبَّادُ مِن بابِ أَوْلى؛ لاعتزالِهِ عن الناسِ، ما لم يُقاتِلْ أو يُحرِّضْ ويندُبِ الناسَ.

ولا يدخُلُ الراهبُ في الاسترقاقِ، بل يبقى على حالِه، ويُترَكُ له مِن طعامِهِ ما يَكْفِيه.

وجمهورُ العلماءِ على عدمِ قتلِ الشيخِ الهَرِم الذي لا يُنتفَعُ به في قتالٍ؛ وهو قولُ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ لِيَزِيدَ بنِ أبي سُفْيانَ حينَما بعثَهُ لقتالِ المشرِكِينَ.

وهو قولُ مالكٍ وأبي حنيفةَ، وروايةٌ عن الشافعيِّ.

وللشافعيِّ قولٌ آخرُ؛ قال: "يُقتَلُ الفلَّاحونَ والأُجراءُ والشيوخُ الكبارُ، إلَّا أنْ يُسلِموا أو يؤدُّوا الجِزْيةَ".

والشافعيُّ يفرِّقُ بين قصدِ النساءِ والصبيانِ بالقتلِ، وبين كونِهم في الدُّورِ التي يكونُ فيها المشرِكُونَ؛ فيأخُذُ النساءُ والصبيانُ والشيوخُ حُكْمَ المقاتِلِينَ، ويَستدِلُّ بحديثِ الصَّعْبِ بنِ جَثَّامَةَ ؛ قال: "مَرَّ بِيَ النَّبِيُّ بِالْأَبْوَاءِ - أوْ بِوَدَّانَ - وَسُئِلَ عَن أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ مِنَ المُشْرِكِينَ، فَيُصَابُ مِن نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ، قَالَ: (هُم مِنْهُمْ)، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: (لَا حِمَى إِلَّا للهِ وَلِرَسُولِهِ ) "؛ أخرَجَهُ الشيخانِ (١).

ورَمْيُ المشرِكِينَ في حصونِهم، وقتلُ الأطفال والنساءِ وَأسرى المسلمين تبعًا لذلك، دون أن يُقْصَدُوا عينًا: جوَّزَهُ كثيرٌ مِن الفقهاءِ؛ قال به مالكٌ والثَّوْريُّ وأبو حنيفةَ والشافعيُّ وأحمدُ وغيرُهم.

وقال الأوزاعيُّ: "إذا تترَّسَ الكفَّارُ بأطفالِ المسلمينَ لم يُرْمَوْا؛


(١) أخرجه البخاري (٣٠١٢) (٤/ ٦١)، ومسلم (١٧٤٥) (٣/ ١٣٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>