للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة ق]

سورةُ ق سورةٌ مكيَّةٌ؛ قالهُ ابنُ عبَّاسٍ والحَسَنُ ومجاهدٌ وقتادةُ (١)، وقد حكى الإجماعَ على ذلك جماعةٌ كابنِ حَزْمٍ وغيرِه (٢)، وتضمَّنَتِ التذكيرَ بعَظَمةِ القرآنِ، والترهيبَ مِن الآخِرةِ، والتخويفَ مِن عذابِ اللَّهِ، والتذكيرَ بالموتِ وقِصَرِ الدُّنيا، والحسابِ والكتابةِ على العبدِ ما يَعمَلُه، وما بعدَ الموتِ مِن سؤالٍ وعَرْضٍ، وعذابٍ ونعيمٍ.

* قال اللَّهُ تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: ٣٩].

أمَرَ اللَّهُ نبيَّه بالصبرِ على ما يَسْمَعُهُ مِن المشرِكِينَ، والاستعانةِ على ذلك بشَغْلِ القلبِ عمَّا يقولونَهُ بتعظيمِ اللَّهِ والحضورِ بينَ يدَيْهِ في الصلاةِ، وكان هذا قبلَ فَرْضِ الصلواتِ الخمسِ، فأمَرَ اللَّهُ نبيَّه بالصلاةِ قبلَ طلوعِ الشمسِ، وهي صلاةُ الغَدَاةِ صلاةُ الفَجْرِ، وقبلَ الغروبِ، وهي صلاةُ العَشِيِّ، وهي العصرُ، وبَقِيَ هذا الحُكمُ عامًّا في تعظيمِ هاتَينِ الصلاتَيْنِ؛ لأنَّهما أولُ ما فُرِضَ مِن الصلواتِ المكتوبةِ مِن الصلواتِ الخمسِ، وفي "الصحيحَيْنِ"؛ مِن حديثِ جريرِ بنِ عبدِ اللَّهِ -رضي اللَّه عنه-؛ قال: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَنَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيْلَةً -يَعْنِي: البَدْرَ- فَقَالَ: (إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ


(١) ينظر: "زاد المسير" (٤/ ١٥٦)، و"تفسير القرطبي" (١٩/ ٤٢٤).
(٢) "الناسخ والمنسوخ" لابن حزم (ص ٥٧)، و"تفسير ابن عطية" (٥/ ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>