للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمَر أُنَيْسًا أن يَغْدُوَ إلى امرأةِ الرجُلِ فإنِ اعرَفَت فيَرْجُمُها، ولم يأمُرْهُ بجَلْدِها.

وحديثُ عُبادةَ السابقُ متقدِّمٌ، وهو في أولِ حدِّ الزِّنى.

وذهَبَ أحمدُ وإسحاقُ: إلى الجمعِ بينَ الجَلْدِ والرجمِ؛ وذلك لظاهرِ حديثِ عُبادةَ السابقِ في الجمعِ بينَهما؛ حيثُ قال : (وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِئَةٍ وَالرَّجْمُ) (١)؛ فالجَلْدُ للزِّنى، والرجمُ للإحصانِ.

وبهذا فعَلَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ ؛ حيثُ جَلَدَ شُرَاحَةَ الهَمْدَانيَّةَ يومَ الخميسِ، ورجَمَها يومَ الجمعةِ، وقال: "أَجْلِدُهَا بكِتَابِ اللَّهِ، وَأَرْجُمُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ "؛ رواهُ البخاريُّ وغيرُهُ (٢).

حُكْمُ التغريبِ:

واختلَفَ الفقهاءُ في التغريبِ؛ وذلك لأنَّ اللَّهَ لم يذكُرْهُ في سورةِ النورِ:

وقد ذهَبَ مالكٌ والشافعيُّ وأحمدُ: إلى بقائِهِ، وأنَّه مُحكَمٌ، وعدمُ ذِكرِهِ كعدمِ ذِكْرِ الرجمِ، وكلاهُما ثابتٌ في السُّنَّةِ، وقد صحَّ التغريبُ عن النبيِّ ، وورَدَ مِن حديثِ جماعةٍ؛ كعُبَادةَ وأبي هُرَيْرةَ وزيدِ بنِ خالدٍ، وبه قضى الصحابةُ كأبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ وابنِ مسعودٍ وأبي الدرداءِ.

ولم يقُلْ بالتغريب أبو حنيفةَ وأصحابُهُ؛ وهذا بناءً على أصلِهم مِن منعِ القولِ بنسخِ الكتابِ بالسُّنَّةِ، ويرَوْنَ أنَّ الزيادةَ على حُكْمِ القرآنِ نسخٌ له، وجعَلَ أبو حنيفةَ التغريبَ الى الإمامِ، وجعَلَهُ اجتهادًا في التأديبِ لا حدَّا لازمًا.


(١) سبق تخريجه.
(٢) أخرجه البخاري (٦٨١٢)، وأحمد (١/ ٩٣)، والنسائي في "السنن الكبرى" (٧١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>