للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: ١٠٤].

ذكَرَ الله شريعةَ الأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكرِ آمِرًا بها، وربَطَ الفلاحَ بتحقُّقِها؛ فلا تُفْلِحُ أُمَّةٌ ليس فيها مُصلحونَ، وقولُهُ: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ} أمرٌ بقيامِ أُمَّةٍ بشعيرةِ النصيحةِ والإصلاح، وعَطْفُ الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ على الدعوةِ إلى الخيرِ مِن عطفِ الخاصِّ على العامِّ؛ لأنَّ الأمرَ والنهيَ دعوةٌ.

شريعةُ الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ:

والأمرُ في الآيةِ يتوجَّهُ إلى الراعي والرعيَّة، الحاكمِ والمحكومِ؛ أنْ يُندَبَ منهم مَن يقومُ بحفظِ هذه الشعيرةِ؛ كما يُندَبُ منهم جُبَاةٌ للزكاةِ، وقُضاةٌ للحدودِ، وأئمةٌ للقيامِ بالصلاةِ، ومؤذِّنونَ للقيامِ بالأذانِ.

فيجبُ على الحاكمِ أنْ يَصْطَفِيَ مِن أهلِ العِلم والأمانةِ والصبرِ للقيامِ بالحِسْبَة، ولو ترَكَ الحاكمُ ذلك وعطَّلَه أو قام به وقَصَّرَ في حقِّه، وجَبَ على العامةِ أنْ يَنْدُبُوا منهم مِن أهلِ العلمِ والأمانةِ مَن يقومُ بحقِّ الإصلاحِ والحِسْبَةِ؛ حتى لا يتواكَلَ الناسُ بعضُهم على بعضٍ؛ فيَنْتَشِرَ الشرُّ، ويَنقُصَ الخيرُ، وكلُّ واحدٍ يتَّكِلُ على الآخَرِ.

وجوبُ الحِسْبةِ:

وجَعْلُ الحاكمِ الحِسْبةَ في أُمَّةٍ مِن الناسِ لا يُسقِطُ تشريعَها على الكفايةِ عن الباقِينَ؛ لأنَّ تعيينَ مَن يقومُ بها يُوجِبُها عليه عَيْنًا، ولا يُسقِطُ التكليفَ عن غيرِه؛ لأنَّ الإصلاحَ والنصيحةَ مِن فُرُوضِ الأفراد، فمتى قامَ مُوجِبُها، تعيَّنَتْ؛ لِما في "الصحيحِ"؛ مِن حديثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>