للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَيْتَةُ، والدمُ، ولحم الخِنزير، وما أُهِل لغيرِ اللهِ به، عندَ قولِهِ تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} [البقرة: ١٧٣]، وجِماعُ المحرَّماتِ في هذه الآيةِ:

الأولُ: المَيتَةُ: وهي ما مات حتفَ أنفِهِ بلا ذَبحِ ذابحٍ ولا جَرحِ صائدٍ؛ فماتت وحُبِسَ دمُها فيها؛ فإن الدمَ لم يُهرَق منها وبَقِي في لحمِها فاسدًا، يحرُمُ أكلُهُ ولو طُبِخَ، ففسادُ الدمِ لِذَاتِهِ لا ترتفعُ بالطبخ، كفسادِ لحمِ الخِنزيرِ ودمِهِ لا ترتفعُ بالطبخِ.

وتحريمُ المَيتةِ والدمِ كان أولَ الإسلام، وفيه تحريمُ الفروع وبيانُها عندَ بيانِ الأصولِ لمَنْ لا يعملُ بها، ففي حديثِ أبي سُفيانَ: أنه قال لهِرَقلَ مَلِكِ الرومِ: "نَهَانَا عن الميتةِ والدمِ" (١).

ولكنْ لم يكنِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُكثرُ مِن تقرير ما حرَّمَ اللهُ مِن الفروعِ للمُشرِكينَ، إلَّا في مسائلَ قليلةٍ خاصَّةٍ ممَّا له اتِّصالٌ واشتراكٌ بالأصولِ.

ما يَحِلُّ من المَيتةِ:

السمك، وما في حُكمِهِ مِن حيوانِ البحر:

واستثنى اللهُ مِن المَيتةِ صِنفَين، وهما: السَّمَكُ وما في حُكمِهِ مِن حيوانِ البحر، والثاني؛ الجرادُ، ولا تخصَّصُ ميتةُ السمكِ بالتحليلِ، بل كلُّ حيوانِ البحرِ كذلك ولو لم يكن سمكًا؛ لأنَّ اللهَ سمَّاهُ صيدًا، فقال: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ} [المائدة: ٩٦]؛ فكلُّ ما يُصادُ مِن حيوانِ البحر، فهو حلالٌ، إلَّا ما حُرِّمَ لغيرِ علةِ الموتِ لضررِه، وفي "المسنَدِ" و"السننِ" مِن حديثِ أبي هريرةَ؛ قال - صلى الله عليه وسلم - عن البحرِ: (هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيتَتُهُ) (٢).


(١) "المستخرج" لأبي عوانة (٦٧٣٣).
(٢) أخرجه أحمد (٧٢٣٣) (٢/ ٢٣٧)، وأبو داود (٨٣) (١/ ٢١) والترمذي (٦٩) (١/ ١٠٠)، والنسائي (٥٩) (١/ ٥٠)، وابن ماجه (٣٨٦) (١/ ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>