وفرَّقَ بعضُهم بينَ السَّلْمِ بفتحِ السينِ، والسِّلْمِ بكسرِها؛ وهو قولُ أبي عمرِو بنِ العلاءِ؛ فجعَلَ السِّلْمَ بكسرِ السينِ: الإسلامَ، والسَّلْمَ بالفتح: المسالَمةَ؛ ولذلك قرَأَ الآيةَ في هذا الموضعِ بكسرِ السينِ: ﴿ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ﴾ فقطْ، وقرَأ التي في سورةِ الأنفالِ، والتي في سورةِ محمدٍ ﷺ: بفتحِ السينِ، وفَتحُ السينِ عندَهُ مِن السلامةِ، وهي تركُ الحربِ.
والمعنيانِ في الإسلامِ صحيحانِ، ولكنْ في هذه الآيةِ: فالأولُ هو الصحيحُ؛ وذلك أنَّ اللهَ لم يأمُرِ النبيَّ ﷺ في موضعٍ بالدخولِ في المسالَمَةِ مع كلِّ أحدٍ بإطلاقٍ؛ لأنَّ الأمرَ بالمسالَمَةِ بإطلاقٍ بلا تفريقٍ بينَ قوةٍ وضعفٍ، ومصلحةٍ ومفسدةٍ: يقتضي المحافظةَ على نِدِّيَّةِ الكفرِ للإسلامِ، وتساوِي الهيمنةِ بينَهما، وهذا يُخالِفُ الأصولَ والمقصدَ مِن دعوةِ التوحيدِ وأحكامِ الدِّينِ وحدودِه وفريضةِ الجهادِ.