ظَبْيًا أو أرنَبًا، يُقال: صادَهُ، ومَن قتَلَ عَقرَبًا أو حَيَّةً أو كلبًا، يُقالُ: قتَلَهُ، ولا يُقالُ: صادَهُ؛ لأنَّه لا يُؤكَلُ؛ ولهذا قال ﷺ:(خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى المُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ: الْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ)(١)، فقال: قَتْلِهِنَّ أو يُقْتَلْنَ، ولم يَقُلْ: صَيْدُهُنَّ أو يُصَدْنَ.
ويُقاسُ عليهنَّ: ما أخَذَ حُكمَهُنَّ ممَّا يَضُرُّ الإنسانَ، فمَن قتَلَ حيَّةً أو زُنْبُورًا أو ذُبَابةً أو بَعُوضَةً أو حَشَرةً مِن دوابِّ الأرضِ تُؤذِيه، فليستْ صيدًا، ولا شيءَ عليه فيها، ومِثلُ ذلك لو قتلَها مِن غيرِ أذيَّةٍ فلا كفَّارةَ فيها، وإنَّما رُخِّصَ في الضارِّ أن يُقْتَلَ، وغيرِ الضارِّ أن يُتْرَكَ؛ لأنَّ قتلَهُ بلا سببٍ مكروهٌ.
وقاس أحمدُ ومالكٌ على الكلبِ: كلَّ سَبُعٍ يُؤذِي ويُخشَى منه، وخَصَّ أبو حنيفةَ الذئبَ؛ لأنَّه كلبٌ بَرِّيٌّ، ولم يَستثنِ غيرَه.
ولم يجعَلِ الشافعيُّ في قتلِ غيرِ مأكولِ اللحمِ للمحرِمِ شيئًا، ونسَبَ بعضُ الشافعيَّةِ إلى الشافعيِّ: جوازَ قتلِ كلِّ غيرِ مأكولِ اللحم، وفي إطلاقِ هذا القولِ عنه نظرٌ؛ وإطلاقُهُ بتحريمِ قتلِ الصيدِ المأكولِ لا يعني جوازَ قتلِ غيرِ المأكولِ بإطلاقٍ.
كفَّارةُ الصيدِ للمحرِمِ:
وقولُه تعالى: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا﴾ قَضى الصحابةُ والتابعونَ بأنَّه يُحكَمُ على المتعمِّدِ والمخطِئ، ولا فرقَ بينَهما، إلَّا أنَّ المتعمِّدَ يأْثَمُ، والمُخطِئَ لا يأْثَمُ، وبهذا قال عمرُ وابنُ عبَّاسٍ ومجاهِدٌ وعطاءٌ وابنُ جُبيرٍ والنخَعيُّ؛ وهو قولُ عامَّةِ العلماءِ؛ لأنَّ السُّنَّةَ قضَت بذلك على العامدِ