للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو لم يُنَصَّ عليها؛ وذلك أنه قال تعالى: ﴿قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ﴾، فقصدُ القيامِ للصلاةِ هو الذي أوجب الوضوءَ، وجاء الأمرُ لأجْلِهِ في الآيةِ.

وقولُه: ﴿وُجُوهَكُمْ﴾: الوجهُ ما واجَهَ الإنسانُ به الناسَ، وحدودُهُ: مَنَابِت الشَّعرِ طبيعة، ولا عِبرةَ بالأَشعَرِ ولا بالأصْلَع، فيدخُلُ في ذلك الجبهةُ والخَدانِ واللَّحيَانِ والأذُنانِ وما بينهما، واللحيةُ مِن الوجهِ فيُغسَلُ ما اتَّصَلَ بالوجهِ مِن ظاهرِها، ولا يُغسَل باطنُها وما استرسَلَ منها؛ لأنه مِثل الرأسِ لو استرسَلَ شعر الرجلِ والمرأةِ.

تخليل اللحيةِ:

وأما تخليلُ اللحية، فقد جاءت فيه أحاديث مرفوعة عن عثمانَ وأنسِ وابنِ عمرَ وابنِ عباسِ وعمار وأبي أُمامةَ وأبي بَكرةَ وعائشةَ وأم سلمةَ، وغيرِهم، وفيه بضعةَ عشَرَ حديثًا.

وفي أحاديث التخليلِ كلام، وقد أعَلها جميعَها أحمد وأبو حاتم وغيرُهما، وقالوا: "لا يصح منها شيء"، ولم يَرِدِ التخليلُ في أصحِّ أحاديثِ صفةِ الوضوءِ التي رواها الشيخانِ عن عثمانَ وعبدِ اللهِ بنِ زيدٍ في "الصحيحين"، ولا في حديثِ ابنِ عباسِ في البخاري، وكأن الشيخَينِ يُعلَّانِ الأحاديثَ المرفوعةَ في التخليلِ.

ولكنَّه ورَدَ عن جماعةٍ مِن الصحابةِ صحيحًا عن ابن عباسٍ وابنِ عمرَ، وصحَّ عن غَيْرِ واحدٍ مِن التابعين؛ كابنِ الحَنَفِيةِ وعبَيدِ بنِ عُمير وسعيدِ بنِ خبَير ومجاهِدٍ وطاوس وعطاء، ولكن لم يكن يُوجبه أحد مِن السلفِ؛ ولذا لم يكنِ العملُ عليه، خاصَّةً عندَ أهلِ المدينةِ؛ ولذا قال مالك: "التخليل ليس مِن أمرِ الناسِ" (١).


(١) "الاستذكار" (٢/ ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>