للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأصح: جوازُ ذلك، وأن العَدَدَ في الآيةِ لبيانِ المقدارِ الذي يَكفي، لا لِذَات العددِ؛ فمَن أعطَى مسكينًا طعامًا يَكفِيهِ لوجَباتِ عَشر، كان كفارة ليمينِه.

وذهب مالك والشافعي إلى قصدِ تخصيصِ العددِ.

ولا خلاف أن مَن وجَدَ عددَ العشرة، فهو أفضلُ مِن إعطاءِ الواحدِ؛ لسدِّ حاجةِ الأكثرِ وكفايتهم في ذلك اليومِ.

ولا يَرِد على جوازِ إطعامِ الواحدِ طعامَ العشرةِ: كِسوةُ الواحدِ كِسوةَ العشرةِ؛ لأن اللباسَ لا يجزِئ فيه كِسوةُ الواحدِ بما يكفي العشَرةَ؛ لأن هذا يفضُل عن حاجتِهِ وَيرفَعه فوقَ الغِنَى؛ بخلافِ الإطعامِ؛ فإنَّ إطِعاِمَ العشرةِ لا يَكفِيهِ إلا لبضعةِ أيام، وأما كِسوةُ العشَرةِ فتَكفِيهِ بضعَ سنين.

الكفارةُ مِن متوسط الطعامِ:

ويُغني مِن الطعامِ متوسِّطه، ولا يجوزُ إخراجُ رديئه، ومعرفةُ الوسَطِ بحسَبِ حالِ المكفرِ؛ ولذا قال: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾، فوسط الطعامِ يَختلِف مِن رجل إلى آخَرَ؛ فمَن كان قليلَ ذاتِ اليدِ ويأكلُ رديءَ الطعامِ بالنسبةِ لغيرِه، جاز منه أن يُخرِجَهُ كفارةَ له، وقد صح عن ابنِ عباس؛ أنه قال: "كَانَ الرجُلُ يقوتُ أهلَهُ قُوتًا فيهِ سعةٌ، وَكانَ الرجُلُ يَقوتُ أَهلَهُ قُوتًا فيه شِدة، فَنَزَلت: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ " (١)؛ ليس بأرفَعِهِ ولا بأدناهُ.

وَيلزَمُ أن يكونَ الفقير بالغًا، فلا يُجزِئُ إطعامُ طفلٍ تَسُدُّ حاجتَه اللُّقمتانِ والثلاثُ، ولا الرضيعِ الذي تُشبِعُهُ التمرةُ والتمرتانِ.


(١) أخرجه ابن ماجه (٢١١٣) (١/ ٦٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>