ولو كان الذابحُ مسلمًا ولم يَذكُرِ اسمَ غيرِ اللهِ عليه سواءً؛ وهذا قولُ الجمهورِ: أبي حنيفةَ ومالكٍ وأحمدَ، اتَّفَقَ هؤلاءِ في العامد، ولكنَّهم اختلَفُوا في تارِكِ التسميةِ نسيانًا، على قولَيْنِ هما روايتانِ عن أحمدَ، والجمهورُ: على أنه معذورٌ.
وقال بعُذرِ الناسِي مِن الأصحابِ: ابنُ قُدامةَ، وجماعةٌ.
وقيل: إنَّ الناسيَ كالعامد، وهذا روايةٌ عن أحمدَ؛ قال بها جماعةٌ مِن الأصحابِ؛ كأبي الخطَّاب، وابنِ تيميَّةَ؛ أخذًا بظاهرِ الأدلَّةِ مِن القرآنِ؛ كما في الآياتِ السابقة، وكما في قولِهِ ﷺ:(مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْه، فَكُلُوا)(١)، وأنَّه في الحديثِ قرَنَ ذِكْرَ اسمِ اللهِ وخروجَ الدمِ سواءً، فكما لا يسقُطُ خروجُ الدمِ بالنِّسْيان، فكذلك التسميةُ، وكذلك: الذابحُ خَنْقًا بلا عمدٍ كالتاركِ للتسميةِ نسيانًا.
الثاني: أنَّ التسميةَ سُنَّةٌ ولا تَجِبُ، وتَرْكَها عمدًا فضلًا عن السهوِ لا يَضُرُّ، ما لم يَنْوِ بها غيرَ اللهِ أو يُهِلَّ به غيرَ اسمِ اللهِ؛ وهو قولُ الشافعيّ، وروايةٌ عن أحمدَ، وهو مذهبُ الشافعيَّة، وقد صحَّ هذا المعنى عن ابنِ عبَّاسٍ وجماعةٍ مِن أصحابِه؛ وهو الأقربُ للصوابِ.
التسميةُ والإهلالُ عند الذبح:
والمرادُ بإيجابِ التسميةِ قَصْدُ الإهلالِ؛ لأنَّ العربَ تُهِلُّ بذبحِها لأصنامِها وتذكُرُ اسمَها لا اسمَ اللهِ؛ فجاء ما يُنافي ذلك ويُناقِضُهُ؛ لأنَّ اللهَ تعالى قال: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾، وهذا الفِسْقُ في الآيةِ هو الفِسْقُ في الآيةِ الأُخرى: ﴿فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَو فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ [الأنعام: ١٤٥]؛ فالمقصودُ به: الإهلالُ لغيرِ الله، لا مجرَّدُ