للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذَّنْبِ والظُّلْمِ إلى الكفر، ومِن مَقاصِدِها: أنْ تُسَدَّ أبوابُ اتِّهامِ الشريعةِ وأهلِها مِن المُنافِقِينَ أو مِن أهل الجهلِ مِن قَرَابةِ الظالِمِ بأنَّ الظالِمَ لم يُنصَفْ وقد ظُلِمَ وبُغِيَ عليه؛ لأنَّ لَدَيهِ حُجَّةً لم تُسمَعْ منه.

* * *

قال تعالى: {فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} [الأعراف: ٢٢].

في هذه الآيهِ: سَتْرُ العَوْراتِ والسَّوْءَاتِ عندَ الخروج، ولو لم يكنْ هناك مَن يَرى العورةَ، وهذا مِن الفِطْرةِ التي فُطِرَ عليها الإنسانُ، وما عدا ذلك مُخالِفٌ للفِطْرة، منهيٌّ عنه جِبِلَّةً وشِرْعَةً، ولمَّا ظهَرَتْ عَوْراتُ حَوَّاءَ وآدمَ، خَصَفَا وقطَعَا مِن ورقِ شجرِ الجنةِ ما يستُرُ عَوْراتِهما، فلم يَنتظِرَا حتى تُؤوِيَهما دارُهُما، ولا أنْ يلُوذَا بحائطٍ أو شجرةٍ أو دارٍ؛ وذلك أنَّ الحائطَ والشجرَ يستُرُ مِن جهةٍ دونَ بقيَّةِ الجهات، وورقُ الشجرِ أقرَبُ مِن الدُّورِ؛ لأنَّه عندَهما، وتنالُهُ أيدِيهما.

حكمُ سَتْرِ العوراتِ:

والمبادَرةُ بسَتْرِ العَوْراتِ مِن آدمَ وحوَّاءَ ومِن وَرَقي الشجرِ مُشعِرٌ بالوجوب، وذِكْرُ السَّوْءَاتِ مؤكِّدٌ لذلك؛ لأنَّ إخراجَها يسُوءُ الإنسانَ في نَفْسِه، ويسُوءُ غيرَهُ أن يراهُ مِن أحدٍ، وهذه مِن فوارقِ الإنسانِ عن الحيوانِ.

وليس في الجنةِ مِن الناسِ سوى آدمَ وحوَّاءَ؛ لأنَّهما أَبَوَا البَشَر، وكلُّ البشرِ بعدَهما، وإنَّما فيها مِن الملائكةِ والحيوانِ وما شاء اللهُ، ولا يثبُتُ أنه كان قبلَ آدمَ بشريَّةٌ مشابِهةٌ لبشريَّةِ آدمَ وذُرِّيَّتِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>