للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْكَ، فكُل)؛ رواهُ التِّرمِذيُّ (١).

وصحَّ عن ابن عباسٍ في قوله: ﴿وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ﴾؛ أنه قال: "يعني بالجوارحِ: الكلابَ الضَّوَارِيَ والفُهُودَ والصُّقُورَ وأشباهَها" (٢).

ورُويَ عن نافعٍ، عن ابنِ عمرَ؛ قال: "ما صادَ مِن الطَّيْرِ -والبُزاةُ مِن الطَّيْرِ- فما أدرَكتَ فهو لك، وإلَّا فلا تَطعَمْهُ" (٣).

صيدُ الكلبِ الأسوَدِ:

واستثنى أحمدُ مِن الكلابِ الأسوَدَ البَهِيمَ؛ أنه لا يجوزُ اتِّخاذُهُ ولا رخصةَ فيه أصلًا؛ لأنَّه شيطان، ومأمورٌ بقتلِه، فلا يجوزُ اقتناؤُهُ أصلًا، وتَبَعًا لا يحوزُ الصيدُ به.

واستنكَرَ بعضُ المالكيَّةِ ذلك على أحمدَ، وقولُ أحمدَ على أصلٍ صحيحٍ؛ أنَّ ما أمَرَ الله بقتلِهِ لا يجوزُ أكلُهُ نفسِه، وأمَّا الأكلُ بكَسْبِه، فهو كذلك؛ لأنَّ مُقتضى الأكلِ بكسبِهِ جوازُ اقتنائِه، والشريعةُ تَنهى عن ذلك، وإطلاقُ الحِلِّ إذا تقرَّرَ، انسحب على كلِّ حالٍ، والشريعةُ لا تُطلِقُ قواعدَ حِلِّها وتحريمِها على الأمورِ العارضةِ.

الثاني: أن اللهَ ذكَرَ تعليمَ الجارحة، والبَازِي يعلَّمُ كما يعلَّمُ الكلبُ، ويُؤمَرُ ويُزجَرُ ويَمتثِلُ.

الثالث: أن اللهَ عمَّمَ في الآيةِ ذِكْرَ الجوارح بقوله ﴿مِنَ الْجَوَارِحِ﴾، وهذا وصفٌ يدخُلُ فيه كلُّ جارحةٍ معلَّمةٍ، والنَّصُّ على الكلبِ في الآيةِ لو كان المقصودُ فيه السَّبُعَ، فهو للتعريفِ لا للتقييدِ؛ فإن الكلبَ أكثَرُ في


(١) أخرجه الترمذي (١٤٦٧) (٤/ ٦٦).
(٢) "تفسير الطبري" (٨/ ١٠٤).
(٣) "تفسير الطبري" (٨/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>