للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حالِ التنازُعِ في المُتْعةِ بين الزوجَيْنِ، فيَقضي القاضي بما يُقارِبُ مَهْرَ مِثْلِها في عُرْفِ أهلِ زَمَانِها في بَلَدِها.

وبهذا قال أبو حنيفةَ.

ولم يَرَ بعضُ الفقهاءِ الإلزامَ بقَدْرٍ معيَّنٍ؛ لأنَّ الآيةَ وَسَّعَتْ، ولا يَسُوغُ التضييقُ بتقديرٍ، ولو شاء اللهُ، لجعَلَ نِصْفَ المهرِ لمِثْلِها للمطلَّقةِ بفَرْضٍ، والمطلَّقةِ بغيرِ فرضٍ، واللهُ فَرَّقَ لحِكْمةِ التيسيرِ على الزَّوْجِ؛ وبهذا الرأيِ يقولُ الشافعيُّ في الجديدِ.

وكان يَستحسِنُ في القديمِ المُتْعةَ بثلاثينَ دِرْهَمًا وما يُعادِلُها؛ لما رُوِيَ عنِ ابنِ عُمَرَ في هذا.

والقضاءُ بالمتعةِ بنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِها يكونُ عند التنازُعِ بين الزوجَيْنِ؛ لأنَّ أقربَ ضابطٍ شرعيٍّ يُشابِهُ المطلَّقةَ بغير فرضٍ، ولم يُدخَلْ بها هي مَن كانت مِثْلَها وقد ضُرِبَ لها مهرٌ؛ فكان هذا فَيْصَلًا، ولكنْ لا يُصارُ إليه إلَّا عندَ النِّزاعِ، والأصلُ: أنَّ اللهَ فرَّق بين الحالتَيْنِ؛ مَن ضُرِبَ لها ومَن لم يُضرَبْ لها مهرٌ؛ فتلك نصفُ المَهْرِ، وهذه المتعةُ.

حكمُ متعةِ المطلَّقةِ:

وقد اختلَفَ الفقهاءُ في مشروعيَّةِ مُتْعةِ المطلَّقةِ عمومًا؛ فبعضُ الفقهاءِ خصَّصها بالمطلَّقةِ بلا مهرٍ ولا مَسِيسٍ؛ لهذه الآيةِ، وبعضُهم جعَلَها عامَّةً لكلِّ مطلَّقةٍ.

وخلافُهُمْ على أقوالٍ:

الأوَّلُ: أنَّها عامَّةٌ لكلِّ مطلَّقةٍ؛ لقولِه تعالى: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢٤١]، وأنَّ اللهَ خصَّص في آيةِ البابِ غيرَ المدخولِ بها بلا مهرٍ؛ للمناسَبةِ، ولأنَّ المطلَّقةَ غيرَ المدخولِ بها يَغلِبُ الظنُّ أنْ لا حقَّ لها؛ فلم تَرَ زوجَها ولم يرَها، ولم يَسْلُبْها شيئًا

<<  <  ج: ص:  >  >>