والسَّعَة، وذلك شبيهٌ بالاهتِداءِ بالحسابِ لمعرفةِ دخولِ الشهرِ وانصرامِه؛ فإنَّ الشارعَ علَّقَ الأمرَ بالرُّؤْيةِ مع كونِ الحسابِ دقيقًا؛ لأنَّ الرؤيةَ مقصودةٌ ليُسْرِها، فعُلِّقَ الحُكْمُ بها.
وقد كانتِ العربُ تَعرِفُ الجهاتِ في الليلِ بالنجومِ والرِّيَاح، ومَنَارَاتِ الأرضِ مِن جبالٍ وسهولٍ، ولكنَّ النجومَ أوسَعُ لكلِّ أحدٍ في بَرِّه وبَحْرِه، وما يُروَى عن ابنِ عبَّاسٍ، عن النبيِّ ﷺ؛ أنه قال:(الجَدْيُ عَلَيْهِ قِبْلَتُكُمْ، وَبِهِ تَهْتَدُونَ فِي بَرِّكُمْ وَبَحْرِكُمْ؛ إِنَّهُ لَا يَزُولُ)(١)، فلا أصلَ له.
تقدَّمَ في سورةِ المائدةِ الكلامُ على حُكمِ التسميةِ على سبيلِ الإجمال، والصوابُ: أنَّ العِبْرةَ بالنِّيَّةِ والذَّبْحِ والذابحِ؛ فما ذبَحَهُ غيرُ المسلِمِ والكتابيّ، يحرُمُ ولو سُمِّيَ عليه، وما خُنِقَ أو وُقِذَ، فلا يَحِلُّ ولو سُمِّيَ عليه، ولو كان الخانقُ مسلِمًا، وما سُمِّيَ عليه وذُبِحَ مِن غيرِ المسلِمِ والكتابيّ، فلا يَحِلُّ؛ لأنَّ المجوسَ لو سَمَّوْا لم تُؤكَلْ ذبائحُهم، وجملةُ الأقوالِ في وجوبِ التسميةِ عن الأئمَّةِ قولانِ:
الأوَّلُ: قالوا بوجوبِ التسمية، وأنَّ ما ذبُحَ ولم يُسَمَّ عيه، لا يَحِلُّ
(١) أخرجه الديلمي في "الفردوس بمأثور الخطاب" (٢/ ١٢٤).