للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثِ أبي أيُّوبَ؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: (لَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا بِبَوْلٍ وَلَا غَائِطٍ، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَو غَرِّبُوا) (١)، فجعَل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - جهةَ الجنوبِ بالمدينةِ باتِّساعِها معظَّمةً؛ فلا تُستقبَلُ بالبولِ والغائطِ؛ لأجلِ القِبْلةِ.

وقد جاء أنَّ ما بينَ المشرِقِ والمغرِبِ قِبْلةٌ: عن عمرَ وعليٍّ وابنِ عمرَ وابنِ عبَّاسٍ وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ وغيرِهم.

الانتفاعُ مِن الشمسِ والقمر للحسابِ وغيرِهِ:

وقد بيَّنَ اللهُ تعالى أنه جعَل القمرَ وقدَّرَهُ مَنازلَ لمعرِفةِ الحسابِ به، ومعرفةِ الشهورِ والأعوام، والناسُ يَنتفِعونَ مِن الشمسِ في عملِهم أكثَرَ مِن انتفاعِهم مِن القمر، وَيَنتفِعونَ مِن القمرِ في حسابِهِمْ أكثَرَ مِن انتفاعِهم مِن الشمسِ؛ فإنَّ الإنسانَ يَعرِفُ بالشمسِ اليومَ والليلةَ، ودخولَ النهارِ ودخولَ الليل، وبالقمرِ يَعرِفُ حسابَ الشهورِ والأعوام، وبها تكونُ عقودُ البيعِ وعهودُ الحربِ والسلمِ وعِدَدُ الطلاقِ والوفاةِ وغيرُ ذلك، وبه تُعرَفُ مواسمُ العبادةِ؛ كرمضانَ والحجّ، والشمسُ أنفَعُ في العملِ؛ لأنَّ العملَ يتعلَّقُ بالحال، وأعظَمُ أعمالِ الحالِ الدينيَّةِ الصلاةُ، فتُعرَفُ بالشمسِ لا بالقمر، وأعظَمُ أعمالِ الدُّنيا: كَسْبُ العيشِ والضَّرْبُ في الأرض، وذلك يكونُ بالشمس، وأمَّا القمرُ فللآجالِ البعيدةِ؛ دينيَّةً؛ كالحجِّ ورمضانَ، ودنيويَّةً؛ كآجالِ البيوعِ وغيرِه، وما بينَهما مِن عِدَدِ الطلاقِ والوفاةِ ونحوِها.

والناسُ في يومِهم يحتاجونَ إلى نُورِ الشمس، وفي الشهورِ والأعوامِ يحتاجونَ إلى مَنَازلِ القمرِ؛ ولذا قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ}


(١) أخرجه مسلم (٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>