للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة المزمل]

سورةُ المُزَّمِّلِ سورةٌ مكيَّةٌ، ولم يُختلَفْ في ذلك (١)، وكانتْ خطابًا للنبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في مكةَ في بدايةِ نزولِ الوحي عليه، إلَّا قولَهُ تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ} [المزمل: ٢٠]، فقد تأخَّرَ نزولُهُ عن أولِ السُّورةِ على خلافٍ في موضعِه؛ فقيل: بمكةَ، وقيل: بالمدينةِ؛ كما قالَهُ ابنُ عبَّاسٍ (٢) وعطاءٌ، وفي هذه السُّورةِ توجيهُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى العبادةِ، وصِفةُ التعامُلِ مع الوحي المنزَّلِ عليه.

* قال اللَّه تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} [المزمل: ٢ - ٤].

أمَر اللَّهُ نبيَّه بقيامِ الليلِ وهو ما زال بمَكَّةَ وفي أولِ نزولِ الوحي؛ وهذا يدُلُّ على فضلِ صلاةِ الليلِ وعبادةِ الخَلَواتِ؛ فهي مِن أعظَمِ المثبِّتاتِ للعبدِ، وما مِن نبيٍّ مِن الأنبياءِ إلَّا أمَره اللَّهُ بالعبادةِ قبلَ الرِّسالةِ؛ لأنَّ الأصلاحَ يَتْبَعُهُ شِدَّةٌ، والشِّدَّةُ تحتاجُ إلى ثَباتٍ، ولا يُثبِّتُ المُصلِحَ شيءٌ كتقويةِ صِلَتِه باللَّهِ بالعبادةِ؛ ولهذا قال اللَّهُ لنبيِّه: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا}، ثمَّ بيَّن سببَ ذلك: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل: ٥].


(١) ينظر: "تفسير ابن عطية" (٥/ ٣٨٦)، و"زاد المسير" (٤/ ٣٥٢)، و"تفسير القرطبي" (٢١/ ٣١٣).
(٢) ينظر: "تفسير الماوردي" (٦/ ١٢٤)، و"زاد المسير" (٤/ ٣٥٢)، و"تفسير القرطبي" (٢١/ ٣١٣)، و"الدر المنثور" (١٥/ ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>