للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزوجَيْنِ، ورفضِ الزوجِ الطلاقَ إضرارًا بزوجتِه، فله الخُلْعُ؛ قال بهذا سعيدُ بنُ جُبيرٍ والحسَنُ وابنُ سِيرِينَ.

وقال شُعْبةُ: قلتُ لقتادةَ: عمَّن أخَذَ الحسَنُ الخُلْعَ إلى السُّلْطانِ؟ قال: عن زِيَادٍ، وكان والِيًا لعُمرَ وعليٍّ (١).

وقولُه: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} استدَلَّ به الجمهورُ على جوازِ أخذِ الزوجِ للخُلْعِ مِن زوجتِهِ أكثَرَ ممَّا أعطاها مَهْرًا؛ وهو قولُ مالكٍ وأبي حنيفةَ والشافعيِّ.

وأجازه مالكٌ، ولم يجعَلْهُ مِن مكارمِ الأخلاقِ.

ومنَعَ أحمدُ وإسحاقُ الزِّيادةَ على ما أعطاها.

* * *

قال تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢٣٠].

بعدَ أنْ ذكَرَ اللهُ الطلقةَ الثالثةَ إجمالًا في الآيةِ السابقةِ: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩]، ذكَرَ في هذه الآيةِ لوازِمَ الطلقةِ الثالثةِ، وما يَتْبَعُها مِن أحكامٍ، ولا يختلِفُ العلماءُ مِنَ السلفِ والخلَفِ: أنَّ الزوجَ إذا طلَّقَ زوجتَهُ ثلاثًا، بانَتْ منه، ولا يَحِلُّ رجوعُها إليه إلَّا بعدَ زواجِها زواجًا صحيحًا بآخَرَ؛ حكى الإجماعَ جماعةٌ؛ كابنِ المُنذِرِ وغيرِه.

نكاحُ التحليلِ:

ونِكاحُ التحليلِ كبيرةٌ مِن الكبائرِ؛ فقد روى التِّرْمِذيُّ، عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ؛ قال: "لعَنَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - المُحِلَّ وَالمُحَلَّلَ لَهُ" (٢).


(١) "تفسير القرطبي" (٤/ ٧٥).
(٢) أخرجه الترمذي (١١٢٠) (٣/ ٤٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>