للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخَصَّ؛ كالنفقةِ بينَ الزَّوْجات، والعَطِيَّةِ بينَ الأولاد، وقَسْمِ الميراثِ على الوَرَثة، وأوجَبَ استيعابَ كلِّ ذي حقٍّ حَقَّهُ، وقَدَّرَ كلَّ ذلك، وليس لأحدٍ أنْ يَخُصَّ واحدًا مِن الوَرَثةِ أو الأولادِ أو الزَّوْجاتِ بعَطيَّةٍ أو هبةٍ مِن المالِ المستحَقِّ للجميع، ولو كانتْ زكاةُ المالِ مِن هذا الجنس، لَبَيَّنَها اللهُ في كتابِه، أو النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -؛ في قولِهِ أو عمَلِه.

ومنها: أنَّ القولَ بالاستيعابِ تعطيلٌ للأحقِّ منهم، فقد يَحتاجُ الناسُ إلى المالِ في الجهادِ في سبيلِ الله، خوفَ دَهْمِ العدوِّ عليهم، والحاجةُ تَستوعِبُ المالَ كلَّه، فلو كان الاستيعابُ واجبًا، لَتَعطَّلَ الجهادُ المتعيِّنُ، ومِثلُ ذلك لو وجَبَ الاستيعابُ وكان الفقراءُ أكثَرَ مِن المساكين، أو كانت حاجةُ المُسلِمينَ لفَقرِهم أشَدَّ مِن حاجةِ الكفَّارِ لتأليفِ قلوبِهم، لَلَزِمَ مِن الاستيعابِ تعطيلُ الأصلَحِ والأنفَعِ.

حُكْمُ الاستيعابِ:

ويُستحَبُّ استيعابُ الأصنافِ الثمانيةِ عندَ تساوي الحاجاتِ وتيسُّرِ الوصولِ إليها؛ وذلك خَشْيةَ تعطُّلِ المصالحِ الخاصَّةِ والعامَّةِ؛ فإنَّ المُسلِمينَ إنْ صرَفُوا زكاةَ أموالِهم وخَصُّوها في الفُقَراء، تَعطَّلَتِ المنافعُ الأُخرى؛ كحاجةِ أهلِ الرِّقابِ والغارِمينَ والمؤلَّفةِ قلوبُهم، وزَهِدَ الناس في الجهادِ وتَرَكُوه؛ لِعَدَمِ وجودِ تجهيزِ الغُزَاةِ وحُمَاةِ الثُّغورِ.

وكما أنَّ المفاسدَ تتحقَّقُ بالقولِ بإيجابِ الاستيعابِ؛ فإنَّها تتحقَّقُ بتعطيلِهِ وبالقولِ بعدَمِ استحبابِ التحرِّي له وقَصْدِه.

والأصنافُ الثمانية التي ذكَرَها اللهُ تعالى تختلِفُ مِن جهةِ الحاجةِ إليها وقيامِها بحسَبِ اختلافِ الزمانِ والمكان، والأَولى في الغنيِّ وقاسِمِ المالِ أنْ يقومَ بقِسْمةِ المالِ بحسَبِ مقاديرِ الحاجاتِ؛ فإنْ كان الفقرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>