للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} [آل عمران: ١٩٥].

في الآيةِ: مساواةُ الذَّكَرِ والأُنثى في أُجورِ الأعمال، وإنْ تَبايَنُوا في التكليفِ؛ فتختصُّ المرأةُ بخصائصَ تكليفيَّةٍ تُثابُ عليها؛ كالحِجَابِ والقَرَارِ والعِدَّة، كما يختصُّ الرجلُ بالجهادِ وصلاةِ الجماعة، ويختصُّ الرجلُ عن المرأةِ والعكسُ بمنهيَّاتٍ ليستْ على الآخَرِ؛ كنَهْيِ الرجلِ عن لُبْسِ الحريرِ والذَّهَب، ونَهْيِ المرأةِ عن زيارةِ المقابر، والأصلُ: المشابَهةُ في التكليفات، وعندَ الاختلافِ في التكليفِ يُعوِّضُ اللهُ الجنسَ الآخَرَ بتشريعٍ لو عَمِلَ به لَاكْتَمَلَ له دِينُهُ؛ كما عَوَّضَ اللهُ المرأةَ بالحجِّ عن فرضِ الجهادِ؛ ففي البخاريِّ، عن عائشةَ أمِّ المؤمِنينَ - رضي الله عنها -؛ قالتْ: استأذَنْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في الجهاد، فقال: (جِهَادُكُنَّ الحَجُّ) (١).

تساوي الذَّكَر والأنثى في الثواب:

وكلُّ عملٍ يعمَلُهُ أحدُ الجنسَيْنِ موافقًا للتشريع، فأجرُهما فيه سواءٌ وإنِ اختلَفَتْ صورةُ الأداءِ ومكانُه؛ كالصلواتِ الخمسِ, فأجرُ المرأةِ فيه منفرِدةً في بيتِها كأجرِ الرجلِ جماعةً على الصحيحِ.

وقد روى ابنُ جريرٍ، عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مجاهدٍ؛ قال: قالتْ أمُّ سَلَمَةَ: يا رسولَ الله، تُذْكَرُ الرِّجالُ في الهجرةِ ولا نُذْكَرُ؟ فنزَلَتْ: {أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} الآيةَ (٢).


(١) أخرجه البخاري (٢٨٧٥) (٤/ ٣٢).
(٢) "تفسير الطبري" (٦/ ٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>