وإنَّما جعَلَ اللَّه العِزَّ في الإبلِ؛ لأنَّها أكثَرُ الأنعامِ منافعَ، فيُنتفَعُ منها باللِّباسِ والأكلِ واللبنِ والحَمْلِ والغزوِ، ولكنْ لا يُكَرُّ عليها ولا يُفَرُّ.
والبرَكَةَ في الغنمِ؛ لكثرةِ نمائِها، وما فيها مِن السَّكِينةِ في نفسِها وعلى أهلِها.
لمَّا ذكَرَ اللَّهُ تعالى بهيمةَ الأنعام، وذكَرَ منافعَها، وعَدَّها بأنَّها الانتفاعُ بجلودِها وشعَرِها وصوفِها وأكلِها وجَمَالِها-: ذكَرَ في هذه الآيةِ حَمْلَ الأثقالِ.
أنواعُ الانتفاعِ مِن الأنعامِ والدوابِّ:
وفرَّقَ سبحانَه بينَ حَمْلِ الأثقالِ: ﴿وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ﴾، وبينَ الركوبِ بقولِه، ﴿لِتَرْكَبُوهَا﴾؛ وذلك أنَّ حملَ الأثقالِ؛ يعني: المتاعَ والزادَ في الطريق، والركوبُ ركوبُ الناسِ عليها في الأسفارِ، وهذا يختلِفُ بحسَبِ بهائمِ الأنعامِ:
أمَّا الغنمُ: فلا تُركَبُ بالاتِّفاقِ؛ لأنَّ ذلك تعذيبٌ لها؛ فهي لا تَحتمِلُ راكبَها، فإذا كانتِ البقرُ لا تُركَبُ، فالغنمُ مِن بابِ أَولى، ولكنْ قد يُوضَعُ على الكبيرِ منها خفيفُ الماءِ ونحوُهُ ممَّا تَحمِلُهُ عادةً.
وأمَّا البقرُ: فتَحمِلُ بسيرَ الأثقالِ، ولكنَّها لا تُركَبُ، لأنَّها لا تَقْوَى على حَمْلِ صاحبِها، ولم تُخلَق لذلك، ولكنْ يجوزُ حملُ بعضِ الأثقالِ