للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَالْعَامَّةِ وَالمَسْجِدِ) (١).

دخولُ الكافرِ المسجِدَ على سبيلِ الاعتراضِ:

وأمَّا دخولُ الكافرِ على سبيلِ الاعتراضِ والحاجةِ؛ كأنْ يُحبَسَ في موضعٍ لا ينجِّسُ المسجدَ، أو يُدخَلَ لِدَعْوتِهِ إلى الإسلام، أو لِيَعمَلَ صَنْعةً في المسجدِ لا يُحسِنُها إلَّا هو، فلا حرَجَ في ذلك، وقد أدخَلَ النبيُّ بعضَ المشرِكينَ إلى مسجدِهِ جماعةً ومُتفرّقينَ؛ كما أدخَلَ ثُمَامةَ بنَ أُثَالٍ، ووَفْدَ ثَقيفٍ ونَجْرانَ، ورُوِيَ عن الحسَنِ؛ أنَّ وفدَ ثَقيفٍ قَدِموا على رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فضرَبَ لهم قُبَّةً في المسجد، فقالوا: يا رسولَ الله، قومٌ مُشرِكونَ؟ ! فقال: (إِن الْأَرْضَ لَيْسَ عَلَيْهَا مِنْ أَنْجَاسِ النَّاسِ شَيْءٌ؛ إِنَّمَا أَنْجَاسُهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ)؛ رواهُ ابنُ شَبَّةَ في "تاريخِ المدينةِ" (٢).

حدودُ الحَرَمِ وتضعيفُ العبادةِ فيه:

وكلُّ ما كان يَحْرُمُ فيه الصَّيدُ، وعَضدُ الشَّجَر، فهو حَرَمٌ، والكعبةُ وما حولَها أعظَمُ وأشَدُّ؛ لكَوْنِها أقرَبَ إلى الموضعِ الذي حُرِّمَ لأَجْلِهِ حَرَمُ مَكَّةَ؛ فإنَّما كان الحَرَمُ حَرَمًا لأَجْلِ الكَعْبة، ولو لم تكُنْ كعبةٌ، لم يكُنْ في مكَّةَ حَرَمٌ، ولأنَّ ما حولَ الكعبةِ موضعٌ لعباداتٍ لا تُوجَدُ في سائرِ مساجدِ مَكَّةَ؛ كالطَّوافِ وتقبيلِ الحجَرِ واستلامِ الرُّكْنَيْن، ويختَصُّ بالتطهيرِ أعظَمَ مِن غيرِه.

وقد عَدَّ أكثرُ العلماءِ أنَّ المسجِدَ الحرامَ هو الحَرَمُ كلُّه؛ وذلك أنَّ اللهَ يُطلِقُ المسجِدَ الحرامَ، ويُريدُ به مَواضِعَ غيرَ الكعبةِ؛ كما أُسرِيَ يالنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِن بيتِ أمِّ هانئٍ عندَ أكثرِ المفسِّرينَ، وقد قال اللهُ تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى}


(١) أخرجه أحمد (٥/ ٢٣٢).
(٢) "تاريخ المدينة" (٢/ ٥١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>