للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: ١٧٢]؛ والخطابُ كان عامًّا للناسِ كافَّةً، ثمَّ جاءَ الخطابُ للذين آمَنوا خاصَّةً، وخطابُ اللهِ للذين آمَنوا وصَفَهُ بقولِهِ: ﴿كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٧٢]؛ فجعَلَ طيِّبَ المؤمنينَ رِزْقًا يجبُ شكرُهُ؛ وذلك أنَّ الكافرَ يأكُلُ الطعامَ كما تأكُلُ البهيمةُ الطعامَ؛ لأنَّ شُكْرَهُ لخالقِهِ فرعٌ عن إقرارِهِ بأنَّ الرزقَ منه، وأنَّ الخالقَ مستحِقٌّ للعبادةِ وحدَهُ، وهذا يتحَقَّقُ في المؤمنِ لا في الكافرِ؛ وهذا يَظْهَرُ في قولِه تعالى بعدَ ذلك للمؤمنينَ: ﴿إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ [البقرة: ١٧٢].

بيانُ الشَّيْءِ بضدِّهِ:

وحينَما ذكَرَ اللهُ الطيِّباتِ عمومًا في الآيتَيْنِ، فصَّلَ الطيِّباتِ ببيانِ ضدِّها، وهي المحرَّماتُ؛ وذلك لأنَّ الطيِّباتِ لا يتحقَّقُ وصفُها في ذاتِها؛ لكثرتِها، فبيَّنَ اللهُ المحرَّماتِ، وهذا مِن بيانِ الشيءِ ببيانِ ضِدِّه، ولأنَّ المحرَّماتِ قليلةٌ وذِكْرَها أضبطُ للسامعِ، ولبيانِ أنَّ اللهَ تعالى إنَّما أَحَلَّ كلَّ شيءٍ، وذِكرُ الحلالِ مُعْجِزٌ للسامعِ استيعابُهُ وحصرُهُ عدًّا، واللهُ قادرٌ عليه سبحانَهُ.

وهذه الآيةُ وما قبلَها شبيهةٌ بآيتَي النحلِ: ﴿فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (١١٤) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ﴾ الآيةَ [النحل: ١١٤، ١١٥].

حكمُ الميتة:

والمَيْتَةُ: ما لم يُذَكَّ مِن الحيوانِ الحلالِ ممَّا يجبُ فيه الذَّكَاةُ، ويخرُجُ مِن هذا: مَيْتةُ البَحْرِ، والجَرَادُ، والصيدُ الذي يموتُ بحادٍّ ولم يُدْرَكْ حَيًّا.

والمَيْتةُ بسكونِ الياءِ وتشديدِها: بمعنًى واحدٍ، والميتةُ عُرِّفَتْ بلامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>