للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القلبِ فيها، خاصَّةً إذا كثُرَ الداخِلونَ على المُصلِّي، وقد نَهَى النبيُّ وأصحابُهُ معاويةَ بنَ الحكمِ لمَّا شمَّتَ عاطسًا في صلاتِه، ولم يأمُرْهُ بالإعادةِ، وتشميتُ العاطسِ مِثلُ ردِّ السلامِ أو آكَدُ منه، ولكنَّ تشميتَ العاطسِ أَظهرُ في كونِهِ دعاءً خالصًا مِن السلامِ وردِّه، ومع هذا قال لمعاويةَ بنِ الحكمِ: (إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ؛ إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءةُ الْقُرْآنِ) (١).

الثانية: الردُّ بالإشارةِ؛ وهذا مشروعٌ عندَ عامةِ السلفِ، جاء فيه عن جابرِ حديثٌ مرفوعٌ في "صحيحِ مسلمٍ"، وكذلك مِن حديثِ صُهَيْبٍ وبلالٍ وابنِ مسعودٍ وغيرِهم، ولا تخلُو مِن علةٍ سوى حديثِ جابرٍ فهو صحيحٌ، ورُوِيَ مِن فعلِ ابنِ عمرَ وابنِ عباسٍ.

ردُّ المصلِّي السلامَ بالإِشارةِ:

وأمَّا صفةُ ردِّ السلامِ بالإِشارةِ بلا كلامٍ، فلا يثبُتُ في صفتِهِ صريحًا شيءٌ مرفوعٌ، ولا في مقدارِ رفعِ اليدِ، ولا جهةِ الإشارةِ بها, ولا صفةِ بسطِ الكفِّ.

وحديثُ جابرٍ مجمَلٌ، وكذا ما صحَّ عن ابنِ عمرَ في "الموطَأِ"؛ قال: "إِذَا سُلِّمَ عَلَى أَحَدِكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي، فَلَا يَتَكَلَّمْ، وَلْيُشِرْ بِيَدِهِ"؛ رواهُ عنه نافعٌ (٢).

ورُوِيَ عن ابنِ عباسٍ مصافحةُ المُصلِّي لِمَنْ سَلَّمَ عليه؛ كما رواهُ عبدُ الرزَّاقِ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، عن عطاءٍ؛ قال: رأيتُ موسى بنَ جَمِيلِ وكان مُصلِّيًا، وابنُ عباسٍ يُصلِّي ليلًا إلى الكعبةِ قال: فرأيتُ موسى صلَّى، ثمَّ يعودُ، ثمَّ انصرَفَ، فمَرَّ على ابنِ عباسٍ، فسلَّمَ عليه، فقبَضَ


(١) سبق تخريجه.
(٢) أخرجه مالك في "الموطأ" (عبد الباقي) (٧٦) (١/ ١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>