للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَن لم يُهاجِرْ عندَ وجوبِ الهِجْرةِ عليه، فغزَا المُسلِمونَ قومَهُ الكافِرِينَ، وبَقِيَ فيهم وهو يَعلَمُ فقُتِلَ، فليس له ولا لأوليائِهِ ديةٌ؛ لقولِهِ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا﴾ [الأنفال: ٧٢].

ولم يأمُرِ النبيُّ أسامةَ بدِيَةِ مَن قتَلَهُ لَمَّا تشهَّدَ وهو في صَفِّ المُشرِكِينَ، والحديثُ في "الصحيحَيْن" (١).

وكلُّ مسلمٍ يُقتَلُ وليس له ورَثةٌ مسلِمونَ، فلا تُعطَى الديةُ لورثتِهِ الكافِرِينَ، وأَوْلى مِن هذا إن كان الرجلُ معاهَدًا بنفسِه، وأمَّا قومُهُ فمحارِبونَ، فقُتِلَ المعاهَدُ خطأً، فلا يُعطى ورَثتُهُ المحارِبونَ ديةً.

الثانيةُ: في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾، والمرادُ هو الرجلُ المعاهَدُ، فالميثاقُ في الآيةِ العهدُ، فمَن قتَلَ معاهدًا خطأً وقومُهُ مُعاهَدُونَ، فتؤدَّى ديتُهُ إلى قومِه المعاهَدينَ، ويُحرِّرُ القاتلُ رَقَبةً مِن مالِهِ إنِ استطاع.

كفَّارةُ قتلِ الذمِّيِّ:

وقولُه تعالى: ﴿مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ﴾ دليلٌ على الكفَّارةِ في قتلِ الذمِّيِّ والمعاهَدِ بتحريرِ الرقبة، فالميثاقُ العهدُ والأمانُ.

رُوِيَ هذا المعنى عن السلفِ؛ قاله سعيدُ بن جُبَيْرٍ وعِكْرِمةُ والزهريُّ وقتادةُ والنَّخَعيُّ (٢).

وكدلك: فتُدفَعُ ديةُ المُسلِمِ إلى أهلِهِ المعاهَدينَ.


(١) أخرجه البخاري (٤٢٦٩) (٥/ ١٤٤)، ومسلم (٩٦) (١/ ٩٧).
(٢) "تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ١٠٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>