للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: ﴿قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [يونس: ٨٩].

فضلُ التأمينِ وإدراكِ تكبيرةِ الإحرامِ:

في هذه الآيةِ: أنَّ التأمينَ على الدُّعَاءِ في حُكمِ التلفُّظِ بالدعاءِ؛ وذلك أنَّ موسى كان يَدْعُو اللهَ وهارونُ يؤمَّنُ عليه؛ فقال اللهُ: ﴿قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا﴾؛ وبهذا قال ابنُ عبَّاسٍ وعِكْرِمةُ وأبو العاليةِ (١)، وهذا مُقتضى التأمينِ ولازِمُه، ولم يَرِدْ في الآيةِ؛ لأنَّ اللهَ لم يَجعَلِ الإمامَ يَدْعُو والناسَ يُؤمِّنونَ والمرادُ بذلك حظُّ الداعِي بنفسِه، بل إنَّ الدعاءَ والأجرَ لهم جميعًا، ولكنَّه بحسَبِ حضورِ قلبِ كلَّ واحدٍ وتحقُّقِ مُوجِباتِ الإجابةِ فيه.

والمؤمَّنُ يُدرِكُ مِن الفضلِ ما أدرَكَهُ الإمامُ في قراءتِهِ الفاتحةَ، وهذا مُقتضى مشروعيَّةِ قولِهِ: "آمِينَ"، ويُروَى أنَّ بلالًا كان يقولُ للنبيّ : "لَا تَسْبِقْنِي بِآمِينَ" (٢)؛ وذلك لأنَّه يُؤذَّنُ ويُقِيمُ على سطحِ المسجد، ومِن هنا قال بعضُ السلفِ والفقهاءِ: إنَّ تكبيرةَ الأحرامِ تُدرَكُ بآمِينَ؛ وبهذا قال وكيعٌ (٣)، ويُروَى عن أبي الدَّرْداءِ أنه سمِع إقامةَ الصلاة، فقال: "أَسرِعوا بنا نُدرِكْ آمِينَ" (٤).

وجمهورُ العلماءِ: على أنَّ تكبيرةَ الإحرامِ تُدرَكُ بنفِسها، وهو قولُ أحمدَ، وأنكَرَ الإدراكَ ب (آمِين)، وحديثُ بلالٍ فيه عِلَّة؛ فقد رواهُ أحمدُ وأبو داودَ، عن أبي عثمانَ، عن بلالٍ.


(١) "تفسير الطبري" (١٢/ ٢٧١ - ٢٧٢)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٦/ ١٩٨٠).
(٢) أخرجه أحمد (٦/ ١٢)، وأبو داود (٩٣٧).
(٣) "طبقات المحدَّثين" للأصبهاني (٣/ ٢١٩).
(٤) أخرجه حرب بن إسماعيل في "مسائله" (ص ٤٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>