للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باللهِ لقد صلَّيتُ مع النبيِّ قِبَلَ مَكَّةَ، فدَارُوا كما هم قِبَلَ البيتِ (١).

وَيلحَقُ بهذا إعلامُ جبريلَ النبيَّ بوجودِ نجاسةٍ في نَعْلَيْهِ وهو يُصلِّي؛ كما رواهُ أحمدُ وأبو داودَ، عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ؛ قال: بينَما رسولُ اللهِ يُصلِّي بأصحابِهِ إذ خَلَعَ نعلَيْهِ، فوضَعَهُما عن يسارِه، فلمَّا رأى ذلك القومُ، أَلْقَوْا نِعالَهُم، فلما قَضَى رسول اللهِ صلاتَهُ، قال: (مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ؟ )، قالوا: رأَيْناكَ ألقَيْتَ نعلَيْكَ، فألقَيْنا نعالَنا، فقال رسولُ اللهِ : (إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا) (٢)، ويجوزُ سؤالُ المصلِّي وهو في صلاتِه عندَ الحاجةِ.

وهذا يُشبهُ حديثَ الملائكةِ مع زكريَّا، فهو حديثُ مَلَكٍ لنبيٍّ وهو في صلاةٍ، وإنِ اختَلَفَ نوعُ الخطابِ؛ فزكريَّا خُوطِبَ بخطابٍ لا يتَّصِلُ بصلاتِهِ، ومحمدٌ خُوطِبَ بخطابٍ يتَّصِلُ بها.

القسمُ الثاني: الكلامُ مع المُصلِّي واستماعُهُ وهو مُنصِتٌ بكلامٍ لا يتَّصلُ بصلاةِ المصلِّي؛ فهذا الأصلُ فيه الجوازُ، شريطةَ أن يكونَ عارضًا لا طويلًا، كما في قصةِ زكريَّا, ولمَا رَوَى البخاريُّ، عن أسماءَ؛ قالتْ: أتيتُ عائشةَ وهي تُصلِّي، فقلتُ: ما شأنُ الناسِ؟ فأشارتْ إلى السماءِ، فإذا الناسُ قيامٌ، فقالتْ: سبحانَ اللهِ! قلتُ: آيةٌ؟ فأشارتْ برأسِها: أيْ: نَعَم (٣).

الإشارةُ في الصلاةِ:

وفي حديثِ أسماءَ هذا: دليلٌ على جوازِ ردِّ المُصلِّي على غيرِهِ بالإشارةِ مِن غيرِ كلامٍ، وقد أشارَ النبيُّ في صلاتِه؛ كما في


(١) أخرجه البخاري (٤٤٨٦) (٦/ ٢١).
(٢) أخرجه أحمد (١١٨٧٧) (٣/ ٩٢)، وأبو داود (٦٥٠) (١/ ١٧٥).
(٣) أخرجه البخاري (٨٦) (١/ ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>