للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قال تعالى: ﴿وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (٢٩) هَارُونَ أَخِي (٣٠) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي﴾ [طه: ٢٩ - ٣٢].

في هذا: استحبابُ اتِّخادِ الوُزَراءِ والمستشارِينَ الثِّقاتِ يَعْضُدُونَ في الحقِّ ويُعِينُونَ عليه، وكلَّما كانتِ الأمانةُ أعظَمَ، كانتِ الحاجةُ إلى المُعِيِنِ عليها أظهَرَ.

استحبابُ اتِّخاذِ البِطَانةِ الصالحةِ والوزيرِ المُعِينِ:

وإنَّ اللَّهَ جعَلَ القُرْبَ مِن الوجيهِ بعِلْمٍ أو سُلْطانِ أمرًا مقدورًا عليه؛ فعليه أن يُقرِّبَ إليه الصادقنَ قبلَ أن يَسبِقَ إليه غيرُهُمْ؛ وذلك لأنَّ الناسَ تَطمَعُ في ذي اليدِ والجاهِ والمالِ والقُوَّةِ، وفي "الصحيحِ"؛ مِن حديثِ أبي سعيدٍ؛ قال: قال النبيُّ : (مَا اسْتُخْلِفَ خَلِيفَةٌ إِلَّا لَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْخَيْرِ وَتَحُضُهُ عَلَيْهِ؛ وَبطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَالمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ) (١).

وهذا إن كان في الأنبياءِ والخُلَفاءِ، فهو في غيرِهم مِن السلاطينِ والعلماءِ مِن بابِ أولى؛ وذلك لأن الناسَ يَقرُبون فيَختلِطُ أمرُهم، وكلُّهم يُبدِي مصلحةَ من قَرُبُوا منه، ولا يعلَمُ بواطنَهُم إلَّا اللَّهُ، والواجبُ على الحاكمِ والعالِمِ: اتِّخاذُهم قبلَ أنْ يَتَّخِذوه، وقد كان النبيُّ يدنو منه الأولياءُ والصالحونَ ويدنو منه المُنافِقونَ والمُرتزِقُون، وكان يتَّخِذُ بِطانةً منهم ولا يتَّخذُونَه؛ فبِطانتُهُ أبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ وعليٌّ وغيرُهم مِن خِيارِ الصحابةِ، ولا يَمنَعُ جليسًا مُرِيدًا للخيرِ؛ لكنَّه لا يتَّخِذُ كلَّ أحدٍ أمينًا ووزيرًا وبِطَانةً، وقد يدخُلُ عليه البَرُّ والفاجرُ، وفي "الصحيحِ"، قال عمرُ


(١) أخرجه البخاري (٦٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>