للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنى الحامِي:

والحامِي عرَّفَه ابنُ عبَّاسٍ بأنَّه: الفحلُ مِن الإبلِ إذا وُلِدَ لوَلدِهِ؛ قالوا: حَمَى هذا ظَهْرَهُ، فلا يُركَبُ ولا يُحمَلُ عليه، ولا يَجُزُّونَ وَبَرَهُ، ولا يَمنَعونَهُ مِن حوضٍ ولا حِمًى وإن كان الحوضُ لغيرِ صاحِبِه (١).

ورُوِيَ نحوُهُ عن ابنِ المسيَّبِ (٢).

ولم تكنِ السوائبُ معروفةً عندَ العرب، وأولُ مَن شَرَعَها وسيَّبَها عمرٌو بن لُحَيَّ؛ كما جاء في "الصحيحَيْنِ"؛ مِن حديثِ أبي هريرةَ؛ قال : (رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ؛ كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ) (٣).

وفي روايةٍ: (أَوَّلُ مَنْ غَيَّرَ دِينَ إِبْرَاهِيمَ) (٤)؛ حيثُ كانتِ العربُ على بَقَايَا الحَنيفيَّةِ مِلَّةِ إبراهيمَ، وكانوا يقولونَ: نحن بنو إبراهيمَ، ودَعْوَاهُم تلك التي غالَبُوا بها محمدًا الذي يَدْعُو مِثلَ دَعْواهم؛ كما قال اللهُ له: ﴿أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ [النحل: ١٢٣]: دليلٌ على أنَّ العِبْرةَ بالحقيقةِ لا بالدَّعْوَى؛ كمَن يزعُمُ اليومَ أنه على الإسلامِ وعلى مِلَّةِ محمدٍ وهو يعبُدُ الأصنامَ والقبورَ والأضرِحةَ بالسجودِ لها والنَّحْرِ والنَّذْرِ لها.

الحكمةُ من النهي عن السوائبِ:

وعِلَّةُ النهيِ عن السائبةِ والوَصِيلةِ والحامِي والبَحِيرَةِ: أنَّهم جعَلُوا سببًا للتحريمِ والتعظيمِ لم يَجعَلْهُ اللهُ كذلك، فشَرَعُوا ما لم بَشرَعْهُ اللهُ افتراءً عليه، والتحريمُ لا بدَّ فيه مِن ثُبُوتِهِ بالشَّرْعِ أو ثبوتِ ضَرَرِهِ بالحِسِّ، وأمَّا التحريمُ بمجرَّدِ المصادفةِ القَدَرِيَّة، فهذا مِن عملِ الجاهليَّة، فسمَّاهُ اللهُ


(١) "تفسير ابن أبي حاتم" (٤/ ١٢٢٣).
(٢) "تفيسر ابن أبي حاتم" (٤/ ١٢٢٤).
(٣) أخرجه البخاري (٤٦٢٣) (٦/ ٥٤)، ومسلم (٢٨٥٦) (٤/ ٢١٩٢).
(٤) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (١٠٨٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>