للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روى ابنُ وَهْبٍ؛ قال: قال ابنُ زَيْدٍ, في قولِ اللهِ - تعالى ذِكْرُه -: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ﴾؛ قال: "اللهُ يَعْلَمُ حِينَ تَخلِطُ مالَكَ بمالِهِ: أتُرِيدُ أن تُصلِحَ مالَهُ، أو تُفسِدَهُ فتأْكُلَهُ بغيرِ حَقٍّ" (١).

وقال الشَّعْبيُّ: "مَن خالَطَ يَتيمًا، فلْيتَوَسَّعْ عليه، ومَن خالَطَهُ ليأكُلَ مالَهُ، فلا يَفعَلْ" (٢).

وقولُه: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ﴾؛ أيْ: شَقَّ عليكم في مالِ اليتيمِ وشدَّد، وكلَّفَكُمْ ما يَضُرُّ بكم وبه، ولكنَّ اللهَ رحيمٌ لطيفٌ بعبادِه، والعنَتُ هو المشقَّةُ؛ كقولِهِ تعالى: ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ﴾ [التوبة: ١٢٨]؛ أيْ: ما يَشُقُّ عليكم.

فعن عليِّ بنِ أبي طَلْحةَ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ﴾؛ يقولُ: "لو شاءَ اللهُ، لَأَحْرَجَكم فضَيَّقَ عليكم، ولكنَّهُ وَسَّعَ ويَسَّرَ، فقال: ﴿وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: ٦] " (٣).

وعن مِقْسَمٍ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ؛ قولَهُ: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ﴾؛ قال: "ولو شاء اللهُ، لَجَعَلَ ما أَصَبْتُم مِن أموالِ اليتامى مُوبِقًا" (٤).

الاحتياطُ في مالِ اليتيمِ عند المتاجرة به:

ويَحتاطُ كافلُ اليتيمِ لمالِ اليتيمِ، ويَجتنِبُ ما يُضِرُّ به، وما هو مِن حظوظِ نَفْسِه، فيَجتنِبُ شراءَ مالِ اليتيم لِحَظِّ نفسِه، أو الشراءَ بمالِ اليتيمِ مِن مالِه؛ حتَّى لا يَدْفَعَهُ ذلك إلى الزيادةِ في حقِّ نَفْسِه، والنقصانِ في حقِّ اليتيمِ؛ فإنَّ النفسَ الصالحةَ تحِبُّ لنفسِها الخيرَ ولغيرِها, ولكنَّها عندَ المزاحَمةِ قلَّما تُغلِّبُ نَفْسَها، فتُؤثِرُ غيرَها على حظِّ نَفْسِها.


(١) "تفسير الطبري" (٣/ ٧٠٧).
(٢) "تفسير الطبري" (٣/ ٧٠٨).
(٣) "تفسير الطبري" (٣/ ٧٠٨)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٢/ ٣٩٦).
(٤) "تفسير الطبري" (٣/ ٧١٠)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٢/ ٣٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>