للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنِ عَبَّاسٍ؛ في قَوْلِه: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾: "هذا في الرَّجُلِ يَعْتَكِفُ فِي المَسْجِدِ فِي رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ، فَحَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْكِحَ النِّسَاءَ لَيْلًا وَنَهَارًا حَتَّى يَقْضِيَ اعْتِكَافَهُ" (١).

وقاله ابنُ مسعودٍ وعطاءٌ ومجاهدٌ والحسنُ وقتادةُ (٢).

والمرادُ بالاعتكافِ هو لزومُ الشيءِ وحَبْسُ النفسِ عن غيرِه، فيقالُ: اعتكَفَ فلانٌ على كذا؛ أيْ: لَزِمَهُ، واعتكَفَ فلانٌ في المسجدِ: إذا لزِمَهُ.

قال الطِّرِمَّاحُ بنُ حَكِيمٍ:

فَبَاتَ بَنَاتُ اللَّيْلِ حَوْلِيَ عُكَّفًا … عُكُوفَ البَوَاكِي بَيْنَهُنَّ صَرِيعُ

والمرادُ بالمباشرةِ: الجِماعُ.

صَحَّ هذا عنِ ابنِ عبَّاسٍ؛ رواهُ ابنُ جريرٍ، عن عليِّ بنِ أبي طَلْحةَ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ.

وصحَّ عن عطاءٍ ومجاهدٍ والضَّحَّاكِ (٣).

وروى عنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مجاهدٍ؛ قال: كان ابنُ عباسٍ يقولُ: "مَن خرَجَ مِن بيتِهِ إلى بيتِ اللهِ، فلا يَقْرَبِ النِّساءَ" (٤).

مباشَرَةُ المعتكِفِ لزوجتهِ:

والذي عليه العملُ والفُتيا عند السلفِ: أنَّ المعتكِفَ لا يَقْرَبُ زَوْجَتَهُ بشهوةٍ بحالٍ، وأمَّا مسُّه لها والأخذُ بيدِها وتقبيلُها بلا شَهْوةٍ؛ كقُبلةِ الرَّحْمةِ والعَطْفِ، فلا بأسَ به؛ لما قد صَحَّ عن عائشةَ: "أنَّ


(١) "تفسير الطبري" (٣/ ٢٦٨)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (١/ ٣١٩).
(٢) "تفسير ابن أبي حاتم" (١/ ٣١٩).
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" (٣/ ٢٦٨ - ٢٧٠).
(٤) ينظر: "تفسير الطبري" (٣/ ٢٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>