للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مواضعَ النفعِ والضرِّ في أموالِهم، فربَّما كَرِهُوا الحجرَ عليهم إساءةً للظنِّ، وقولُ المعروفِ يَدفعُ ظنَّ السوء، وُيطيِّبُ النفوسَ.

وقولُه: ﴿أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾؛ أي: تَقُومُ الحياةُ بالمالِ؛ فلا يضعُفُ الإنسانُ بفقرٍ أو حاجةٍ لغيرِه، فبالمادَّةِ تقومُ الحياةُ الدُّنيا، وبالعبادة تقومُ الحياةُ الأُخرى.

قِوَامةُ الرجالِ على النساءِ:

وفي قولِه تعالى: ﴿وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ دليلٌ على قِوَامةِ الرجالِ على النساء، فاللهُ أمَرَهُمْ بالإنفاقِ على النساءِ والصِّغَار، وفيه أنَّ العملَ والتكسُّب على الرجالِ لا على النساءِ؛ فاللهُ لم يأمُرِ النساءَ في الوحي بالتكسُّبَ والضَّرْب في الأرضِ؛ وهذه هي الفِطْرة التي جُبِلَ عليها البَشَرُ؛ كما فال تعالى لآدَمَ وحوَّاءَ في الجَنَّةِ: ﴿فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى﴾ [طه: ١١٧]، فيَخرُجانِ جميعًا والشقاءُ لآدمَ؛ لأنَّه مَكفِيٌّ في الجنةِ مِن الضربِ في الأرضِ والعملِ والتكسُّب، وأمَّا في الدُّنيا فسيَشْقَى وحدَه، ومحلُّ حواءَ في قرارِها، واللهُ أمَرَ الرجالَ ولم يَنْهَ النساءَ عن التكسُّبِ إنِ احْتَجْنَ إليه مِن غيرِ تبرُّجٍ ولا اختلاطٍ بالرجالِ الأجانبِ.

كفايةُ الأهلِ والزوجة بالنفقةِ:

ولا حَدَّ للرزقِ والكسوةِ المأمورِ لها في الآيةِ؛ لعمومِ الآيةِ، ولظاهرِ السُّنَّةِ؛ كما في قولِ النبيِّ لهندَ بنتِ عُتْبةَ: (خُذِي مَا يَكفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالمَعْرُوفِ) (١)؛ فالواجبُ الكفايةُ مِن غيرِ سَرَفٍ ولا مَخِيلَةٍ، والكفايةُ تختلِفُ بحسَبِ الأشخاصِ والأزمانِ والأحوال، والعلماءُ يتَّفقونَ على عدمِ تحديدِ حَدٍّ للكِسْوة، ويَختلفونَ في تحديدِ النفقة، والأرجحُ عدمُ تحديدِها أيضًا، وهو قولُ مالكٍ وأبي حنيفةَ وأحمدَ، خلافًا للشافعيِّ


(١) أخرجه البخاري (٥٣٦٤) (٧/ ٦٥)، ومسلم (١٧١٤) (٣/ ١٣٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>