للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام: ١٤١].

وقولُهُ تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}؛ يعني: زمنَ الحصادِ والصِّرَامِ.

وجاء في تفسيرِ معنى {حَقَّهُ} معنيانِ: الأوَّلُ: زكاتُهُ، والثاني: الإطعامُ منه:

فأمَّا الزكاةُ فواجبةٌ، وبه فسَّرَهُ ابنُ عبَّاسٍ وأنسٌ (١).

حُكْم الإطعام عند الحصاد:

وأمَّا الإطعامُ عندَ الحصادِ للعابرِ والمَارّ، فقد كان معروفًا في العربِ وغيرِهم؛ يجتمِعُ الفقراءُ والمساكينُ عندَ الزروعِ ليَنالوا منه؛ كما قال تعالى عن أصحابِ الجَنَّةِ: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (١٧) وَلَا يَسْتَثْنُونَ (١٨) فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (١٩) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠) فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (٢١) أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ (٢٢) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (٢٣) أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ} [القلم: ١٧ - ٢٤]، وهذه الآيةُ تدُلُّ على أنَّ الإطعامَ قبلَ الزكاةِ كان واجبًا؛ لأنَّ اللهَ لا يُعاقِبُ ويُعذِّبُ بسببِ تركِ سُنَّةٍ ومُستحَبٍّ، ويكونُ الإطعامُ قبلَ كَيْلِهِ أو خَرْصِه، ثم إنْ كالَهُ أو خرَصَهُ يَعْزِلُ زكاتَهُ ولا يحسُبُ إطعامَهُ مِن الزكاةِ؛ قالهُ عطاءٌ


(١) "تفسير الطبري" (٩/ ٥٩٥)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٥/ ١٣٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>