للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومِن أهلِ الشُّورى؛ لأنَّهم أهلُ عِلْمٍ بالشريعةِ وغيرِها؛ لِيَجْمَعَ بينَ العارِفينَ بالناسِ؛ فلا يَخرُجوا عمَّا يُريدونَهُ فلا تقَعَ الفتنُ، وبينَ العالِمينَ بالشريعةِ؛ فلا يَخرُجوا عن أمرِ اللهِ ومراده في الحُكمِ والسياسةِ؛ فإنَّ الناسَ قد يريدونَ غيرَ ما أراد اللهُ جهلًا أو هوًى، فيُبيِّنُ لهم أهلُ العِلم ذلك، وقد يَقضي أهلُ العِلْمِ بشيءٍ لم تفصِّلْ فيه الشريعةُ ولا يُريدُهُ الناس، فتقعُ الفتنةُ.

فاجتماعُ العلماءِ والنُّقباءِ في اختيارِ الحاكِمِ والفصلِ في أمرِ الأمَّةِ العظيمِ وخاصَّةً عندَ الفتنِ: مِن سُنَنِ الأنبياءِ والمرسَلِينَ، ويُروى في الحديث: (لَيْسَ مِنْ نَبِيٍّ كَانَ قبلِي إِلَّا قَدْ أُعْطِيَ سَبْعَةَ نُقَبَاءَ وُزَرَاءَ نُجَبَاءَ)، رواهُ أحمدُ، عن كَثِيرِ النَّوَّاء، وهو مُتكلَّمٌ فيه (١).

اتخاذُ الجاسوسِ في الحربِ:

وفي الآيةِ: دليلٌ على اتِّخاذِ الجاسوسِ يسبُرُ أحوالَ العدوّ، ويَعرِفُ عُدَّتَهم وعدَدَهم، ومواضعَ القوةِ والضَعْفِ فيهم؛ كما فعَلَ موسى بإرسالِ النُّقباءِ إلى الجبَّارينَ، وقد اتَّخذَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَيْنًا، وهو بُسَيْسَةً؛ كما أخرَجَه مسلمٌ (٢).

* * *

قال تعالى: {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (٣١)} [المائدة: ٣١].

وفي هذه الآيةِ: إشارةٌ إلى سُنَّةٍ فِطْرِيَّةٍ، وهي دفنُ المَوْتَى، وقد شرَعَها الله في أولِ ميِّتٍ مِن بني آدمَ، ودفن الميِّتِ وقَبْرُهُ إرجاعٌ له إلى أصلِهِ


(١) أخرجه أحمد (٦٦٥) (١/ ٨٨).
(٢) أخرجه مسلم (١٩٠١) (٣/ ١٥٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>