وبه قال ابنُ المسيَّبِ ومجاهدٌ وعطاءٌ والحسنُ والنخَعيُّ، وهو قولُ جمهورِ العلماءِ؛ كمالكٍ وأحمدَ.
واستثنى ابنُ جُرَيْجٍ من التخيير ب (أَو) هذه الآيةَ: آيةَ الحِرَابة، وقال بالاستثناءِ الشافعيُّ؛ كما رواهُ البيهقيُّ (١).
ولم يثبُتْ في تقييدِ هذه الأحكامِ في الآية بنوعٍ معيَّنٍ مِن أنواعِ المحارَبةِ: حديثٌ عن النبيِّ ﷺ، وقد جاء من حديثِ أنسٍ مرفوعًا أخرَجَه ابنُ جريرٍ، ولا يصحُّ، وإطلاقُها دليلٌ على اختلافِ الاعتباراتِ على ما تقدَّمَ.
صَلْبُ المحاربِ:
وقد اختُلِفَ في الصَّلْبِ: هل يُصلَبُ حيًّا حتى يموتَ، أم يُصلَبُ بعدَ قتلِه؟ على قولَيْن، وقد قطَعَ النبيُّ ﷺ العُرنيِّينَ، وسَمَلَ أعيُنَهم، وترَكَهم ومنَعَهم الطعامَ والشرابَ، وهذا وإن لم يكنْ صَلْبًا للحيّ، فهو في حُكْمِه؛ وعلى هذا: فالصلبُ للحيِّ حتى يموتَ جائزٌ إذا قام مُوجِبُه؛ لعظيم أمرِه، وشدَّةِ أثرِه، وقلةِ المفسدةِ من إقامتِه.
وقد يكونُ تحقُّقُ المقصودِ من الصلبِ حيًّا أَظْهَرَ، وقد يكونُ في صَلْبِهِ حيًّا فتنةٌ للناسِ؛ بأنْ يَسمعوا منه ما يُبرِّئُ نفسَهُ ويَحلِفَ فجورًا، فيَظُنَّ الناسُ بأمرِهِ خيرًا، فتقَعَ الحَمِيَّةُ ويُساءَ بالحُكْمِ والحاكم، فيُفتَنَ الناسُ بدلًا من الاتِّعاظِ به.
حكمُ النفي:
وقولُهُ تعالى: ﴿أَو يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ﴾ لا يُخرَجُ مِن بُلْدانِ