للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بجوازِ الكلامِ خارجَ الصلاةِ سعيدُ بن جُبَيرٍ، والشَّعبيُّ، وقتادةُ، والنخَعيُّ، وغيرُهم.

ولا يختلِفُ العلماءُ في أنَّ هذه الآيةَ نزَلَتْ في الإنصاتِ في الصلاةِ؛ كما حكَى الإجماعَ أحمدُ والجصَّاصُ؛ وإنَّما الخلافُ في فروعِ مسألةِ القراءةِ خلفَ الإمام، وقد حكَى أحمدُ إجماعَ مَن سبَقَ على أنَّ مَن ترَكَ القراءةَ خَلفَ الإمامِ في الصلاةِ الجهريةِ أن صلاتَه لا تَبطُلُ؛ فقال: "ما سَمِعْنا أحدًا مِن أهلِ الإسلام يقولُ: إن الإمامَ إذا جهَرَ بالقراءةِ لا تُجزِئُ صلاةَ مَن خلفَه إذا لم يَقرَأْ" (١).

القراءةُ خلفَ الإمامِ في الجهريَّة:

وقد اختلَفَ العلماءُ في القراءةِ خلفَ الإمامِ في الجهريَّةِ على أقوالٍ، أشهرُها أقوالٌ ثلاثة:

الأوَّلُ: أنه لا يُقرَأُ خلفَ الإمامِ في الجَهُريَّةِ؛ وهو قولُ جماهيرِ العلماءِ وعامَّةِ السلف، وهو قولُ الأئمَّةِ الأربعة، ومنهم الشافعيُّ في القديمِ.

ومِن العلماءِ مَن قال: إنَّها لا تجبُ حتى في السِّرِّيَّةِ؛ وهو قولُ أبي حنيفةَ وروايةٌ عن أحمدَ؛ لظاهرِ قولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: (مَن كَانَ لَهُ إِمَامٌ، فَقِرَاءَتُهُ لَهُ قِرَاءَةٌ)؛ رواهُ أحمدُ وابنُ ماجه، عن جابرٍ (٢)، ورواهُ مالكٌ في "الموطَّأِ"، عن وهبِ بنِ كَيْسَانَ، عن جابرٍ؛ مِن قولِه (٣)، وهو أرجَحُ، وله طرقٌ مرفوعةٌ لا يصحُّ منها شيءٌ.

القولُ الثاني: أنَّ القراءةَ تجبُ خلفَ الإمامِ في الجَهْرِيَّة، وفي


(١) "المغني" لابن قدامة (٢/ ٢٦٢).
(٢) أخرجه أحمد (٣/ ٣٣٩)، وابن ماجه (٨٥٠).
(٣) أخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>