للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [التوبة: ٣٤].

مَن جحَدَ وجوبَ الزَّكاة، فقد كفَرَ ولو أدَّاها، وتارِكُها بُخلًا ليس بكافرٍ على قولِ عامَّةِ السَّلَفِ والفقهاء، وعن بَعْضِهم كُفْرُه، وهو روايةٌ عن أحمدَ، وبها قال إسحاقُ وبعضُ المالكيَّة، وهو خلافُ قولِ مالكٍ.

والصحيحُ: عدمُ كُفْرِه؛ وهذا ظاهرُ حديثِ أبي هريرةَ في مُسلِم؛ قال رسولُ اللهِ : (مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَة، صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ، فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ، فِي يَوْم كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَاد، فَيَرَى سَبِيلَهُ، إِمَّا إِلَى الْجَنَّة، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ) (١).

ولو كان كافِرًا، فلا سبيلَ له الَّا الخلودُ في النَّارِ.

وفي الآيةِ: وجوبُ زكاةِ النَّقْدَيْنِ؛ ولا خلافَ في ذلك.

زَكَاةُ حُلِيِّ المرأةِ:

ولا زكاةَ في حُلِيِّ المرأةِ مِن غيرِ الذهَبِ والفِضَّةِ؛ كالجواهرِ مِن اللُّؤْلُؤِ والزبَرْجَدِ والألماس، وقد حكى ابنُ عبد البَرِّ الإجماعَ على ذلك (٢).

وأمَّا حُلِيُّ المرأةِ مِن الذهَبِ والفضَّة، فقد اختَلَفَ فيه العلماءُ:

فذهَبَ أبو حنيفةَ: إلى وجوبِ الزَّكَاةِ كما هو في الذَّهبِ المكنوزِ؛ لعمومِ الآيةِ؛ كهذه الآيةِ وغيرِها، ولأحاديثِ الأمرِ بذلك.


(١) أخرجه مسلم (٩٨٧).
(٢) "الاستذكار" (٩/ ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>