للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجعَلَ بعضُ العلماءِ الأمْرَ بالكتابةِ منسوخًا بقولِهِ: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: ٢٨٣].

وقال آخَرونَ: بعدمِ النسخِ؛ وعلى هذا جمهورُ السلفِ؛ كابنِ عُمَرَ، وابنِ عباسٍ، وأبي موسى، وابنِ سِيرِينَ، ومجاهِدٍ، والشَّعْبيِّ، ورجَّحَهُ الطبريُّ.

حكمُ الرَّهْنِ:

وحُكْمُ الإشهادِ حكمُ الكتابةِ، والإشهادُ أوثَقُ.

والأمر بالرهنِ عندَ عدَمِ وجودِ كاتبٍ لا يدُلُّ على الوجوبِ؛ لأنَّه إرشادٌ وتعليمٌ كيفَ يَضبِطُ أهلُ الأموالِ أمَوالَهُمْ عندَ التدايُنِ بها، وقد بايَعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ولم يُشهِدْ حينَما بايَعَ الأعرابيَّ، فاشْترى بعيرَهُ منه، والصحابةُ الذين مَعَهُ لا يَشْعُرونَ أنَّه ابتاعَهُ، فجحَدَهُ الأعرابيُّ، فشَهدَ خُزَيْمةُ بنُ ثابتٍ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنَّهُ صادقٌ، والنبيُّ لا يقول إلا حقًّا (١).

وفي قولِهِ تعالى: {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} وجوبُ الكتابةِ على الكاتبِ إذا طُلِبَ منه ذلك، والكتابةُ عِلْمٌ يَجِبُ بذلُهُ لمَنْ طَلَبَهُ.

وقد أمَرَ الله الكاتِبَ والمُملِيَ ألَّا يضَعَا إلا الحقَّ بلا بَخسٍ، وإذا كانَ المُمْلِي عليه سفيهًا أو جاهِلًا صغيرًا، أمْلَى عنه وَلِيُّهُ بالعَدْلِ.

الحجرُ على السفيه:

وفي الآيةِ: الحَجْرُ على السفيهِ، وتولِّي وَليِّهِ المالَ، والتصرُّفُ


(١) أخرجه أحمد (٢١٨٨٣) (٥/ ٢١٥)، وأبو داود (٣٦٠٧) (٣/ ٣٠٨)، والنسائي (٤٦٤٧) (٧/ ٣٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>