للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينصُرُهُ السلطانُ حتى يُنصِفَهُ مِن ظالِمِهِ، ومَنِ انتصَرَ لنفسِهِ دونَ السلطانِ، فهو عاصٍ مسرِفٌ، قد عَمِلَ بحَمِيَّةِ أَهْلِ الجاهليَّةِ، ولم يَرْضَ بحُكْمِ اللهِ (١).

استيفاءُ صاحب الحقِّ حقَّه بنفسِهِ:

واستيفاءُ صاحبِ الحقِّ أو وليِّ دمِهِ لِمَا دونَ النَّفْسِ: يُمنَعُ على الصحيحِ؛ لعدمِ الأمنِ مِن التجاوُزِ والتعذيبِ.

والشريعةُ أغلَقَتْ بابَ الثأرِ؛ لأنَّه يُفضِي إلى تسلسُلِ العداوةِ مِن الأفرادِ إلى قتلِ الجماعاتِ انتقامًا، وهكذا كان الجاهليُّون؛ ففي "صحيحِ البخاريِّ"، عن ابنِ عباسٍ؛ أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: (أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللهِ ثَلَاثَةٌ: مُلْحِدٌ فِي الحَرَمِ، وَمُبْتَغٍ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةَ الجَاهِلِيَّةِ، وَمُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ) (٢).

وفي "مسندِ أحمدَ"؛ مِن حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو؛ قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّ أَعْتَى النَّاسِ عَلَى اللهِ - عز وجل -: مَنْ قَتَلَ فِي حَرَمِ اللهِ، أَوْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ، أَوْ قَتَلَ بِذُحُولِ الجَاهِلِيَّةِ) (٣).

إقامةُ الحدود لولي الأمر:

وأصلُ إقامةِ الحدودِ - كحدِّ الزاني، والسارقِ، والقاتلِ، وشاربِ الخمرِ، والقاذفِ، والمرتدِّ، وغيرِ ذلك -: لوليِّ الأمرِ بالاتِّفاقِ، ولا يجوزُ لأحدٍ أنْ يَفْتَئِتَ عليه، والتعدِّي عليه في حقِّه يستوجِبُ التعزيرَ.

وقد قال تعالى: {فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا} [النور: ٢]، والأمرُ في هذه الآيةِ متوجِّهٌ إلى وليِّ الأمرِ؛ قال ابنُ العربيِّ في "تفسيرِهِ": "لا خلافَ أنَّ


(١) "تفسير ابن أبي حاتم" (٧/ ٢٣٢٩).
(٢) أخرجه البخاري (٦٨٨٢) (٩/ ٦).
(٣) أخرجه أحمد (٦٧٥٧) (٢/ ١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>