للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولُ اللهِ : (إِنْ قَتَلَهُ، فَهُوَ مِثْلُهُ)، فَرَجَعَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ قُلْتَ: (إِنْ قَتَلَهُ، فَهُوَ مِثْلُهُ)، وَأخَذْتُهُ بِأَمْرِكَ؟ ! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : (أَمَا تُرِيدُ أَنْ يَبُوءَ بِإِثْمِكَ، وَإِثْمِ صَاحِبِكَ؟ )، قَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ - لَعَلَّهُ قَالَ: بَلَى - قَالَ: (فَإِنَّ ذَاكَ كَذَاكَ)، قَالَ: فَرَمَى بِنِسْعَتِهِ وَخلَّى سَبِيلَهُ (١).

فالنبيُّ دفَعَهُ إليه بقولِه: (دُونَكَ صَاحِبَكَ).

وإلى هذا ذهَبَ جماعةٌ مِن السلفِ؛ كابنِ عباسٍ، وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، ومجاهدٍ، وطَلْقِ بنِ حبيبٍ، وقتادةَ، وجماعةٍ.

وقولُهُ في الحديثِ: (إِنْ قَتَلَهُ، فَهُوَ مِثْلُهُ)؛ أيْ: أنَّه لا فَضْلَ ولا مِنَّةَ لأحدِهما على الآخَرِ؛ لأنَّه أخَذَ حقَّهُ واستَوْفاه؛ فلبس له أَجْر، ولا جميلُ ذِكْر.

وظاهرُ مذهبِ الحنابلةِ: أنَّ حضورَ الوالي أو نائبِهِ واجبٌ؛ خوفًا مِن التعدِّي (٢).

ومذهبُ الشافعيَّةِ: أنَّ حضورَه مسنونٌ؛ إذا كان وليُّ الدمِ ثقةً عدلًا.

والأصلُ: أنَّه لا بُدَّ مِن أخذِ إذنِ وليِّ الأمرِ في الاستيفاءِ، ومَنِ استَوْفاهُ بنفسِهِ، مضَى استيفاؤُهُ إذا كان وَفْقَ حُكْمِ الله، وللوالي تَعْزِيرُهُ لافتئاتِه عليه، وله العفوُ عنه.

روى ابنُ أبي حاتمٍ في "تفسيرِه"، عن ابنِ عباسٍ ؛ فِي قولِهِ تعالى: ﴿فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا﴾ [الإسراء: ٣٣]؛ قال:


(١) أخرجه مسلم (١٦٨٠) (٣/ ١٣٠٧).
(٢) "المغني" (٨/ ٣٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>