للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ؛ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ … )؛ الحديثَ أخرَجَهُ الترمذيُّ (١).

وكثرةُ التمنِّي تُغيِّبُ حِكْمةَ اللهِ في نفوسِ الِعبادِ في تقسيمِ أرزاقِهم ومَعاشِهم؛ فاللهُ قد يُعطِي عبدًا لِيُصلِحَهُ، وَيحْرِمُ آخَرَ ليُصلِحَهُ" لاختلافِ حالِهما نفسًا ومكانًا وزمانًا، ولو تمنَّى المحرومُ ما للمرزوق، لَفَسَدَ، وإنَّما يتمنَّاهُ؛ لأنَّه ينظُرُ لحالِ المرزوقِ ولا ينظُرُ لحالِه؛ ولذا يُرْوَى عن الحسنِ قولُهُ: "لا يَتَمَنَّ أحدُكم المالَ وما يُدْرِيه، لعلَّ هلاكَه فيه! " (٢).

استقلالُ المرأةِ في مالِها:

وفي قولِه تعالى: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ﴾ إشارةٌ إلى استقلال المرأةِ في مالِها، وما اكتسَبَتْ؛ كالرَّجال، ولها التصرُّفُ فيه بما أحَلَّ اللهُ لها، ومالُها الذي تَملِكُهُ لا يَدخُلُ تحتَ قِوامةِ زَوْجِها عليها؛ فلها البيعُ والشراءُ والهِبَةُ منه كالرجُل، مِن غيرِ سَرَفٍ ولا مَخِيلَةٍ ولا قَصْدِ سُوءٍ، وهذا لا يُعارِضُ قولَ اللهِ تعالى السابق في أولِ النِّساءِ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: ٥]، لأنَّ المرادَ أموالُ الوليِّ نفسِه لا يُفَرَّطُ في إعطائِها مَن يَخْشَى إفسادَه ممَّن يَلي أمْرَه، وَيَدخُلُ في السُّفهاءِ كلُّ مَن لا يُحسِنُ تدبيرَ المالِ وإنفاقَه؛ مِن صبيٍّ صغيرٍ وامرأةٍ ورجُلٍ، ويُنفَقُ عليهم وتُقضَى حاجتُهم بالمعروفِ.

* * *


(١) أخرجه الترمذي (٢٣٢٥) (٤/ ٥٦٣).
(٢) "تفسير الطبري" (٦/ ٦٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>