للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَصْدَ البيتِ للعبادةِ بقوله: {وَرِضْوانًا}، ومَن قصَدَ البيتَ الحرامَ لِلتجارةِ والعبادةِ ونَوَى في تجارته نَفْعَ أهلِها وقاصِدِيها، كانت تجارتهُ عبادة.

وفي هذا: فضلُ التجارة بمَكَّةَ؛ لما فيها مِن نفعِ أهلِها والمجاورِينَ فيها والقاصدينَ للبيتِ مِن الحُجَّاجِ والعُمَّارِ والعاكِفِينَ والطائِفِينَ والمُصَلِّينَ.

وهذا خاصٌّ بالمسلِمينَ، وأمَّا المشرِكونَ، فيجوزُ قتالهم في الأشهُرِ الحُرُمِ وتخويفُهُم إن لم يكونوا أهلَ أمانٍ وعهدٍ، ولو زعَمُوا قصدَ البيتِ؛ لأنَّه لا يجوزُ دخولُهُم إليه أصلًا؛ كما في قولِهِ تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: ٢٨]، وقال تعالى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ} [التوبة: ١٧]، وقال: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: ١٨].

الصيدُ بعد التحلُّلِ:

وقولُهُ تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} بيانٌ لغايةِ نهيِ تحريمِ الصيدِ للمحرِم، فالمحرِمُ لا يجوز له الصيدُ منذُ بَدْءِ إحرامِهِ من المِيقات، وكذلك لو أحرَمَ قبلَ المِيقات، حَرُمَ عليه الصيدُ، لتعلُّقِ الصيدِ بالإحرامِ لا بالمكانِ؛ فبيَّنَ الله نهايةَ تحريمِ الصيدِ بانتهاءِ إحرامِهِ ولو كان في طريقِهِ بعدَ خروجِهِ مِن حدودِ حَرَمِ مكةَ؛ دفعًا للظنِّ أن يَبْقَى المحرِمُ على تحريمِ الصيدِ حتى يَرجعَ إلى موضعِ إحرامه الذي بدَأ منه.

العَدْلُ مع العدوِّ:

وقوله تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا}، والشَّنَآنُ البُغْضُ، وهذا تذكيرٌ بصَدِّ كفارِ قريشٍ للنبي - صلى الله عليه وسلم - يومَ الحُدَيبِيَةِ عن دخولِ مَكَّةَ وهو محرِمٌ: ألَّا يَحمِلَهُمْ ما فُعِلَ بهم على

<<  <  ج: ص:  >  >>