وفي ذِكرِ السفرِ: حَمْلٌ للأغلبِ؛ لأنَّ المسافرَ لا يَجِدُ الماءَ، وليس فيه أنَّ الحاضرَ لا يستعملُهُ عندَ فَقْدِه؛ لأن الغالبَ في الحاضرِ: أنَّه في بلدٍ معمورةٍ بالبساتينِ والآبارِ؛ بخلافِ المسافِرِ في زمانِهم.
والقولُ بأنَّه خاصٌّ بالمسافرِ لظاهرِ السياقِ غلطٌ؛ لأنَّه يَلزَمُ منه منعُ الصحيحِ العاجز، وجوازُهُ لكلِّ مريضٍ ولو كان قادرًا؛ لأنَّه قال: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى﴾، ولأن اللهَ قيَّدَ الجميعَ بعدم وجودِ الماءِ في آخِرِها: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾؛ وبهذا استَدَلَّ أحمدُ على أنَّ كلَّ شيْءٍ يتحوَّلُ عن اسم الماء لا يتوضَّأ به؛ لظاهر الآية (١).
والمرضُ في الآيةِ مخصوصٌ بما يُعجَزُ معه عن استعمالِ الماءِ كالحروقِ، أو يُقدَرُ معه على استعمالِ الماءِ ولكنَّه يُؤخِّرُ العافيةَ والبُرْءَ؛ فيجوزُ التيمُّمُ، وخوفُ المرضِ كالمرضِ؛ مثِلُ البردِ الشديدِ الذي يُخشى معه مِن الموتِ والمرضِ عند الغُسْلِ والوضوءِ؛ فيجوزُ معه التيمُّمُ.
العاجزُ عن استعمالِ الماء:
ومَن لا يَستقِلُّ بنفسِهِ في استعمالِ الوضوءِ وغَسلِ أعضائِه: يجوزُ له التيمُّمُ ولو كان الماءُ حاضرًا؛ كالمشلولِ الذي لا يستطيعُ رفعَ الماءِ ولا إدارتَهُ على يدَيْهِ ووجهِهِ وقدمَيْه، وَيقوَى على بسطِ كفَّيْهِ على الترابِ ورفعِهما إلى وجهِه؛ يجوزُ له التيمُّمُ ما دام لا يَستقِلُّ بنفسِهِ في استعمالِ الماءِ ولو وجَدَ مَن يُوَضِّئُه؛ كحالِ المُصلِّي الذي لا يستطيعُ القيامَ إلَّا بغيرِه؛ لا يجبُ عليه ما دام عاجزًا بنفسِه؛ وذلك كالشيخِ الكبيرِ الذي