المرادُ به: المسجدُ الحرامُ، ويدخلُ في حُكْمِهِ كلُّ مسجدٍ؛ للاشتراكِ في العِلَّةِ، وقولُه: ﴿عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾؛ أيْ: موضعٍ تتعبَّدونَ اللهَ فيه، ويكونُ المرادُ به القصدَ؛ كلَّما قصَدتُّمُ المسجدَ، فخُذُوا زينتَكُمْ في كلِّ مرَّةٍ، فجعَلَ الموضعَ الواحدَ في كلِّ مرةٍ مسجدًا، ويُؤيِّدُ هذا قولُهُ تعالى قبل ذلك: ﴿وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٢٩]؛ أي: عندَ كلِّ مرةٍ تتعبَّدونَ اللهَ فيها للصَّلاةِ والدُّعَاءِ ولو كان الموضعُ واحدًا.
أخذُ زينةِ اللباسِ للعبادةِ ومكانُهَا:
ويدخُلُ في معنى الآيةِ أخذُ الزِّينةِ لغَرَضينِ:
الأوَّلُ: لموضعِ العبادةِ؛ سواءٌ كان لغرضِ العبادةِ أو لغيرِها، وللعبادةِ آكَدُ؛ لاجتماعِ الأمرَيْنِ؛ وذلك أنَّ مواضعَ الجادةِ محتَرَمةٌ معظَّمةٌ، فيُستحَبُّ التزيُّنُ لها وعدمُ دخولِها مع كشفِ عورةٍ أو رائحةٍ نَتْنَةٍ؛ تعظيمًا لها وللملائكةِ وللمُصلِّينَ والمُعتكِفينَ والذاكِرِين.
الثاني: للعبادة، وهي الصلاةُ؛ فيُستحَبُّ أخذُ الزِّينة لها ولو لم يكنْ ذلك في موضع عبادة، وهو المسجِدُ، فالمقصدُ مِن الزِّينةِ العبادةُ؛ لأنَّ دُورَ العبادةِ لم تُتَّخَذْ إلَّا لأجلِ العبادة، وإنَّما عُظِّمَتِ المساجدُ لأجلِ العبادةِ فيها، ولو لم يكن فيها عبادةٌ، لم تكن معظَّمةً؛ فمَنْ أرادَ الصلاةَ، استُحِبَّ له أخذُ الزِّينةِ لها، والاستتارُ ولو كان المصلِّي في بيتِهِ لا يراهُ أحدٌ.
الأصلُ حِلُّ اللباسِ:
وفي الآيةِ: دليلٌ على أنَّ الأصلَ في اللِّباسِ: الحِلُّ، فسمَّى اللهُ