للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا ما يَستدِلُّ به بعصُ الأئمَّةِ على عدمِ وجوبِ تخميسِ الغنيمة، وأنَّها لاجتهادِ الإمامِ: بأنَّ النبيَّ فرَّقَ بنَها وبينَ قِسْمةِ الزكاةِ؛ وذلك بما رواهُ أبو داودَ، عن زيادِ بن الحارثِ الصُّدَائِيِّ ؛ قال: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ فَبَايَعْتُهُ، قَالَ: فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَعْطِنِي مِنَ الصَّدَقَة، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ : (إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِ نَبِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ فِي الصَّدَقَات، حَتَّى حَكَمَ فِيهَا هُوَ، فَجَزَّأَهَا ثمَانِيَةَ أجْزَاءٍ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ الْأَجْزَاء، أَعْطَيْنُكَ حَقَّكَ) (١).

فهذا الحديثُ ضعيفٌ؛ ففي سندِه عبدُ الرحمنِ بن زِيَادِ بنِ أَنْعُمٍ، عن زيادِ بنِ نُعَيْمٍ، عن زيادٍ الصُّدَائِيّ، وابنُ أَنْعُمٍ ضعيفُ الحفظِ؛ قال أحمدُ: مُنكَرُ الحديث، وضعَّفَ حديثَهُ يحيى القَطَّانُ وأبو حاتمٍ وأبو زُزْعةَ وابنُ مَعِينٍ والنَّسَائيُّ، وضعَّفَ هذا الحديثَ الدارقطنيُّ وغيرُه.

ثم إنَّ هذا الحديثَ في سياقِ الزكاةِ لا في غيرِها، ولا يَلزَمُ مِن ذلك دخولُ كلِّ مالٍ غيرِ الزكاةِ في اجتهادِ الخليفة، ولو كان كذلك، لَدَخَلَتِ المواريثُ، والعَدْلُ في عطيَّةِ الأولادِ والزوجات، وغيرُ ذلك.

وقد تقدَّمَ في سورةِ آلِ عِمرانَ الكلامُ باختصارٍ على أنواعِ الغنيمةِ وما يجوزُ الاننفاعُ به منها بلا إذنٍ عندَ قولِهِ تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [آل عمران: ١٦١].

تقسيمُ الغنيمةِ:

وفي هذه الآيةِ: بيان أن الغنيمةَ تُقسَمُ على أخماسٍ، وتقدَّمَ بيانُ موضعِ الأنفالِ منها في أوَّلِ تفسيرِ هذه السورة، وهذه الأخماسُ بيَّنها اللهُ في هذه الآيةِ أنَّها على قسمَيْنِ:


(١) أخرجه أبو داود (١٦٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>