للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ) (١)؛ رواهُ البخاريُّ عن البَرَاء، ومُقتضاهُ: أنَّ الخالَ بمنزلةِ الأب، والذكورةُ في الانتِسابِ أَقْوَى مِن الأُنوثةِ؛ ولهذا احتاجَ إلى الإلحاقِ؛ كما في قولِه - صلى الله عليه وسلم -: (ابْنُ أَخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ)؛ رواهُ الشيخانِ عن أَنَسٍ (٢).

وما بعدَ نوحٍ مِن الناسِ: فكلُّهم مِن ذريَّتِه، وكلُّ الأنبياءِ بعدَ إبراهيمَ مِن ذريَّةِ إبراهيمَ؛ كما قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} [الحديد: ٢٦]، وقال تعالى في إبراهيمَ خاصَّةً: {وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} [العنكبوت: ٢٧].

وعيسى لا أبَ له؛ وبهذا استدَلَّ مَن قال بأنَّ أولادَ البناتِ يُنسَبونَ لجَدِّهم، وأنَّهم يَدخُلُونَ في الوقفِ عندَ إطلاقِهِ في الذُّرِّيَّةِ والأولاد، وقد اختلَفَ العلماءُ في هذه المسألةِ على قولَيْنِ:

انتسابُ أولادِ البناتِ لجدِّهم من الأمِّ:

ذهَب قومٌ: إلى أنَّ أولادَ البناتِ في حُكمِ أولادِ البنينَ، فمَن أوقَفَ مالًا على ذُرِّيَّتِهِ وأولادِه، فإنَّ أولادَ البناتِ كأولادِ البنينَ؛ لهذه الآية، ولأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال للحَسَنِ بنِ عليٍّ: (إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ) (٣).

وبهذا القولِ قال أبو حنيفةَ والشافعيُّ، وهو روايةٌ عن أحمدَ، وجاء عن غيرِهم، وغَلِطَ ابنُ الحاجبِ في حكايةِ الإجماعِ.

وقد ذهَب آخَرونَ: إلى أنَّ أولادَ البناتِ لا يَدخُلُونَ في حُكْمِ الأولادِ ولا أولادِهم؛ وبهذا قال مالكٌ، وهو روايةٌ أخرى عن أحمدَ؛


(١) أخرجه البخاري (٢٦٩٩).
(٢) أخرجه البخاري (٦٧٦٢)، ومسلم (١٠٥٩).
(٣) أخرجه البخاري (٢٧٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>