وفي الآيةِ: ﴿إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ وجوبُ معرفةِ الأجَلِ وتحديدِه، وتحريمُ السلَمِ إلى أجلِ مجهولٍ، وعدَمُ صحَّتِهِ بلا خلافِ، وقال الشافعيُّ بجوازِ السَّلَمِ الحالِّ؛ لانتفاءِ علَّةِ الجهالةِ في الأَجَلِ.
والعلماءُ يختلِفونَ في تقديرِ أدنى الأجلِ وأعلاهُ؛ حتَّى قال بعضُ الفقهاءِ؛ أَدْنَاهُ يومٌ.
ولا دليلَ على ذلك كلِّه، إلا أنَّ السَّلَمَ لا يتحقَّقُ الا بعَيْنٍ آجِلَةٍ، وثمنٍ عاجلٍ؛ فإنَّه إن كان بثمنٍ عاجلٍ، وسِلْعةٍ عاجلةٍ؛ فإنْ كانتِ السِّلْعةُ معيَّنةً مملوكةً، فهذا بيعٌ، لا سَلَمٌ، وإنْ كانتِ السلعةً معيَّنةً غيرَ مملوكةٍ، فهذا بيعُ ما لا يَملِكُ، وهو محرَّمٌ، وإنْ كانتِ السلعةُ غيرَ معيَّنةِ ولو كانت مملوكةً، فهذا بَيعُ جَهَالةٍ وغَرَرٍ، وإن كانت غيرَ معيَّنةٍ ولا مملوكةٍ، فهذا اجتمَعَ فِه الغررُ وبيعُ ما لا يَملِكُهُ الإنسانُ.
ويغتفرُ بعضُ الفقهاءِ - كمالكٍ - الغرَرَ اليَسِبرَ في الأجلِ، كالأجلِ إلى الحصادِ؛ وهو قولُ ابنِ عُمَرَ، ومنَعَ منهُ جمهورُ العلماءِ؛ كأبي حنيفةَ والشافعيِّ، وظاهرُ المذهبِ عندَ الحنابلةِ، وهو قولُ ابنِ عباسٍ.
حكمُ كتابةِ عقودِ الدُّيُون والبيوع:
وقولُه تعَالى: ﴿فَاكْتُبُوهُ﴾ أمَرَ بالكتابةِ لضَبطِها؛ حفظًا للحقوقِ، ودفعًا للنِّزاعِ والطمعِ؛ وذلك أنَّ اللهَ قال بعدُ في التجارةِ: ﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا﴾، فرفعَ الحرَجَ في التجارةِ؛ ليُثْبِتَهُ في المدايَنةِ.
واختلَفَ العَلماءُ في حكمِ كتابةِ الديونِ على قولَيْنِ: