للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمَّا المُحْصَنُ:

فهو الذي وَطِئَ بنكاحٍ صحيحٍ وهو حرٌّ عاقلٌ بالغٌ، وحدُّهُ الرجمُ بلا خلافٍ، وقد رَجَمَ النبيُّ ورجَمَ خلفاؤُهُ مِن بعدِه، ولم يَختلِفِ الأمرُ في ذلك في القرونِ المفضَّلةِ، ولا عندَ فقهاءِ الإسلامِ في سائرِ المذاهب الفقهيَّةِ، وقد كان الرجمُ مِن أحكام القرآنِ، فنُسِخَ لفظًا وبَقِيَ حُكمًا، وهي كما قال عمرُ: "كان ممَّا أنزِلَ عليه: آيةُ الرَّجْمِ: (الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيًا، فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ) (١).

ورَوَى مسلمٌ، عن عُبَادةَ بنِ الصامتِ، عن النبيِّ ؛ قال: (خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا؛ الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِئَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِئَةٍ وَالرَّجْمُ) (٢).

ومِن ذلك ما ثبَت في "الصحيحين"؛ مِن حديثِ أبي هريرةَ، وزيدِ بنِ خالدٍ؛ قالا: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلَّا قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، فَقَامَ خَصْمُهُ، وَكَانَ أَفْقَهَ مِنْهُ، فَقَالَ: اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَأْذَنْ لِي، قَالَ: (قُلْ)، قَالَ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا، فَزَنَى بامْرَأَتِهِ، فَافْتَدَيتُ مِنْهُ بِمئَةِ شاةٍ وَخَادِمٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، فَأخبَرُونِي: أَنَّ عَلَى ابْنِي جَلْدَ مِئَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ، وَعَلَى امْرَأَتِهِ الرَّجْمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ : (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَقْضِيَنَّ بَينَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ -جَلَّ ذِكْرُهُ-: المِئَةُ شَاةٍ وَالخَادِمُ رَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِئَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا)، فغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفتْ فَرَجَمَهَا (٣).


(١) أخرجه البخاري (٦٨٣٠)، ومسلم (١٦٩١).
(٢) أخرجه مسلم (١٦٩٠).
(٣) أخرجه البخاري (٦٨٢٧)، ومسلم (١٦٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>